«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
تتميز بلادنا - ولله الحمد - بأنها تقع على مياه بحار ممتدة لمسافات طويلة في الشرق والغرب، وبالتالي جعلها هذا الموقع من أغنى دول العالم، حيث إن البحار ومنذ القدم كانت تشكل ثروة لا محدودة.
وفيما مضى من زمن وقبل اكتشاف النفط كان جزء كبير من دخل التجار في المملكة يعتمد على ثروة البحر حيث مكامن اللؤلؤ والثروة السمكية.
ولقد اشتهرت بيوتات تجارية كثيرة في شرق المملكة وحتى الخليج بتجارة اللؤلؤ لعقود عديدة قبل استزراعه في اليابان.. إطلالتنا اليوم ليس عن اللؤلؤ وتجارته فربما تناولنا ذلك في إطلالة قادمة بمشيئة الله، لكننا اليوم سوف نشير إلى كنوز بالمليارات في قاع بحارنا وعلى الأخص في البحر الأحمر والخليج.. حيث تنام ومنذ قرون كنوز لا تقدر بثمن من المعادن النادرة التي لا تقدر بثمن: زنك ونحاس وحديد ورصاص.. وأذكر أنني شاهدت قبل سنوات في إحدى القنوات الوثائقية المتخصصة في العلوم صوراً مدهشة لبقايا سفن غارقة في البحر الأحمر وكذلك في جنوب الخليج تحمل كنوزاً تساوي المليارات من الدولارات لقيمتها التاريخية والمادية.
ولقد أكد العلماء المتخصصون في علوم البحار أن الكنوز في البحر الأحمر والخليج والمحيط العربي كنوز فريدة وجديرة بالاهتمام والبحث وحتى الاستفادة منها حتى لا يصل إليها لصوص البحار وما أكثرهم في السنوات الأخيرة، بل باتت شركات ومؤسسات تقوم بهذه المهمة من سطو عليها.
والجدير بالذكر هنا أن كنوز البحار ليست حكراً على منطقة دون أخرى، فبحار العالم ومحيطاته تحفل بكنوز متناثرة هنا وهناك. فكثير من السفن التي كانت تحمل كنوزاً من الذهب والمجوهرات فقدت بسبب العواصف المدمرة أو نتيجة لمواجهات مع القراصنة الأمر الذي تسبب في غرقها بالأعماق.. وفي العقود الأخيرة فقدت سفن مختلفة محملة بالثروات نتيجة للحروب.
ومن الأشياء الجديرة بالذكر هنا أن المملكة في الأربعينات سكت في أمريكا « فيلادليفيا « ثلاثة ملايين ريال من الفضة الخاصة وتم شحنها إلى المملكة بالمنطقة الشرقية كان ذلك أواخر الحرب العالمية الثانية، ولكن سفينة «الحرية « جون بيري التي كانت تنقل ريالات الفضة لم تصل، حيث نسفت من قبل الألمان من خلال زورق في بحر العرب على بعد كيلو مترات من عمان.. كان ذلك في أغسطس عام 1944م وغرقت سفينة الريالات الفضية في أعماق البحر، وأشارت معلومات الى أن من بين الشحنة شحنات أخرى من الذهب والفضة.
وخلال ثورة بيرو ضد إسبانيا في عام 1820م ضبط الكابتن توماس سفينة بريطانية كبيرة عليها كنوز تنتمي إلى مدينة ليما. وقدرت قيمة المسروقات بـ 60 مليون دولار، واشتملت على نوعين من التماثيل بالحجم الطبيعي لـ «السيدة العذراء» مصنوع من الذهب الخالص، وأكثر من 273 قطعة من السيوف المرصعة بالجواهر والشمعدانات. الكابتن توماس سيطر عليه الجشع جداً وقتل مجموعة كبيرة ممن معه وأبحر إلى جزيرة كوكوس، ودفن فيها كمية هائلة من الكنوز في كهف على أمل الحفاظ على كل شيء لنفسه. وعلى فراش الموت، أشار إلى موقع كنزه ولكن لم يتم اكتشافه. وفي الماضي كان القرصان الفرنسي «جان لافيت» يعمل في مهاجمة السفن التجارية في خليج المكسيك ومن ثم يقوم ببيع مسروقاته في الموانئ العديدة التي يزورها ولديه سطوة فيها، وكان يساعده في ذلك شقيقه بيار وكانا يملكان أيَّامها 50 سفينة تحت إمرتهم، ومن هنا تكونت لديهم ثروة طائلة. وبعد وفاة لافيت عام 1830م ظهرت مزاعم أن كنوزه مدفونة في بحيرة بورن القريبة من سواحل نيو أوليانز..؟!
وفي عام 1966م عثر علماء الآثار قبالة سواحل ولاية كارولينا الشمالية على سفينة يعتقد انها كانت مملوكة للقرصان «بلاك بيرد»، وكانت تحتوي على كنوز من الذهب..؟!
وبداية من عام 1970م بدأ الاهتمام الفعلي بغزو قاع البحار واكتشاف ما فيه من ثروات وكنوز مختلفة، وفي نفس العام أعلنت الحكومة الأمريكية عن برنامج دولي لاكتشاف أعماق المحيطات وحسب المعلومات فلقد اشتركت في هذا البرنامج 41 دولة.. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الإطلالة عن كنوز بحارنا. لماذا لا تتكون شركات وطنية من القطاع العام والخاص؛ للبحث والاستفادة مما تزخر به بحارنا من ثروات وكنوز في زمن نحن بحاجة إلى موارد تضيف إلى خير الوطن وتدعم اقتصاده بصورة فاعلة..؟!