د. محمد عبدالله العوين
أحدثت جريمة قتل الطالب حسين بن سعيد النهدي البالغ من العمر أربعة وعشرين عاماً والمبتعث من جامعة نجران لاستكمال دراسته في إدارة الأعمال بجامعة UW-Stout بولاية ويسكونسن بالولايات المتحدة الأمريكية مشاعر حزن عارمة وردود فعل غاضبة على هذه الجريمة الشنيعة التي ذهب ضحيتها إنسان بريء ارتكبها مجرم مجهول الهوية - إلى الآن - دون وجود سبب ظاهر.
وتشير التعليقات الكثيرة التي امتلأ بها هاشتاق #مقتل_مبتعث_سعودي_في_أمريكا من عدد كبير من المشاركين إلى توقعات تكاد تجمع على أن دوافع الجريمة نابعة من أفكار وتوجهات عنصرية ودينية متطرفة كأحد نتائج ما عرف بظاهرة «الإسلامو فوبيا»..
وقد كبرت هذه الظاهرة العنصرية المتوحشة في أصقاع كثيرة من المعمورة؛ لا في أمريكا وحدها؛ فلا تغيب عن ذاكرتنا تلك الجريمة الوحشية التي ذهبت ضحيتها المبتعثة السعودية «ناهد الزيد» إلى بريطانيا 2014م للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الأحياء بجامعة إسيكس في مدينة كولشيستر وبعد مماطلة طويلة في القبض على المجرم تم عرضه على المحكمة ورأت أنه مختل عقلياً!.
إن لدينا ما يربو على مائة وخمسين ألف مبتعث من طلابنا وعوائلهم في مختلف أرجاء العالم يتلقون العلم في تخصصات مختلفة وبمستويات متعددة، وفي الولايات المتحدة وحدها ثمانون ألفا يضاف لهم بضعة آلاف يدرسون على حسابهم الخاص، وكثيرون من هؤلاء يعيشون ويتعايشون مع ثقافات وديانات وأفكار مختلفة، ويسعون إلى التكيف والتعامل الإيجابي والانسجام مع أنظمة وقوانين البلدان التي يتلقون العلم في جامعاتها؛ وقد أثبت عشرات الآلاف من طلابنا المبتعثين جديتهم وانضباطهم وتفوقهم وحصولهم على النسب العليا في التقديرات العلمية؛ بحيث وجهت للمتميزين منهم دعوات للانضمام إلى قائمة أكاديمي الجامعة التي تخرجوا فيها، أو المستشفيات أو الشركات الكبرى.
وهذا لا يعني وجود حالات قليلة نادرة تخالف سياق التميز أو الانسجام مع تلك المجتمعات والثقافات؛ ولكنها لا تشكل شيئاً أمام العدد الكبير من المتفوقين الذين يثيرون الإعجاب ويرفعون اسم الوطن عالياً.
وأمام هذه الظاهرة التي تجتاح أوروبا وأمريكا وأستراليا ولا ذنب لطلبتنا فيها؛ بل هي بلاء وامتحان لكل المسلمين المقيمين أو الزائرين لتلك البلدان لا بد من النهوض بمشروعات إعلامية وثقافية لتنوير الرأي العام الغربي بعامة عن الإسلام وقيمه وثقافته، وإبانة حقيقة التطرف وأنه ظاهرة شاذة وطارئة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وإبراز قيم المحبة والإحسان واحترام الأديان والتعايش والتكامل مع بني الإنسان في الإسلام دون تفريق.
وفي الوقت نفسه القيام بدور إيجابي قوي للمطالبة بالقبض على من يرتكب الجرائم العنصرية ضد مبتعثينا وعرضهم على المحاكم ومتابعة تطبيق الأحكام الرادعة بحقهم وسد الثغرات القانونية التي تتيح للمجرمين النجاة من العقاب.
ولن نعجب - وإن كنا نتألم - إذا علمنا أن رئيس جامعة ليبرتي بولاية كالفورنيا الأمريكية «جيري فلويل» دعا في مؤتمر حاشد حضره عشرة آلاف طالب إلى حمل السلاح والتدرب عليه «للقضاء على المسلمين قبل أن يدخلوا علينا» وقال: «لنعلمهم درساً إذا ظهروا هنا»!.