د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
هذا عنوان ما سطره أبنائي طلاب الدراسات العليا على الدرع الذي أهدوه لي بمناسبة تكريمهم إيّاي مساء يوم الجمعة السابع والعشرين من المحرم عام 1438ه، كتبوا مشكورين مأجورين:
مع تحية تسمو
تعامد السِّماك
تنضح بالتقدير
لمقام الأستاذ الدكتور
إبراهيم بن سليمان الشمسان
مشفوعة بشكر يعبق بالشذا الدفاق يبوح بالوفاء ويحدث بالمحبة، وقد غمرنا أستاذنا الجليل بجميل عنايته وكرم مروءته.
أسعدكم الله بتوفيقه، ودمت ممتعا بسلامة النفس.
أبناؤك الطلاب ... وكم نزهو بحبك
د. سعد بن عبدالله المحمود
عبدالعزيز حسين الحارثي
د. محمد بن علي الزهراني
الخضر عوض
د. ماجد محمد البحر
ياسر أحمد سيف
د. راضي بن ناصر الرويلي
محمد عبدالكريم فارع
د. منصور صالح محمد
عبدالعزيز بن إبراهيم العمران
أحمد عبدالله العمير
عبدالمالك أحمد ناصر
لم يكن أبنائي الكرام بحاجة إلى إظهار ما بيننا من المحبة والتقدير فهو ظاهر في كل لقاء عارض بيني وبين أي واحد منهم، كانت الساعات التي شاركتهم فيها التعلم من أسعد ساعات التدريس والتعلم، تعلمنا معًا وأفاد كل منا الآخر بما ثقفه من قراءاته ومعارفه السابقة، كانت أسئلتهم وحواراتهم تفتح آفاقًا للتفكر والتأمل والمراجعة، كان إقبالهم طاقة خلاقة تشعر المرء بجلال العلم وفضيلة التعلم، أدركنا معًا أنَّ للعلم بدايات ولكنه كالأفق الذي لا يُنتهى إليه، أدركنا أننا كلّما تعلمنا اكتشفنا غزارة جهلنا وافتقارنا إلى مزيد من التعلم، عرفنا أن العلم ليس بيد صغير أو كبير ولا بيد قديم أو حديث بل هو حكمة هي ضالة طالبها.
وفي هذه الليلة التي أعدها من أسعد الليالي سمعت قصائد وكلمات معبرة عن كرم أصحابها أكثر من تعبيرها عن حقيقة من قيلت في شأنه، وتناول الزملاء مناقشة بعض ما أهمهم من أمور اللغة وقد تعاورتها أقلام أساتذة وزملاء، كان من ذلك أمر المفاضلة بين اللغات، فكان من قولي أنّ من حقّ عاشق من عشاق العربية أن يبين الجهات التي يرى تفوق لغته بها على غيرها، وأنّ اللغات من حيث تحقيقها لمقتضى الوفاء بحاجات أهلها لا تتفاضل؛ إذ هي قادرة على ذلك، وأما إن نظرنا إلى اللغة بما هي تراث وأدب وفكر فإن من الإجحاف أن نسوي بين اللغات، فاللغات تتفاضل بقدر ما تحمله من ذلك كله، وكان أن عُرض إلى من يزعم أن اللغات كلها تنتهي في أصولها إلى العربية وأن من يزعم ذلك يذهب في موازنات ألفاظ معاجم اللغات فيبين علاقتها بالعربية، وكان جوابي أن الاقتراض بين اللغات معروف منذ القدم وتتحكم فيه الظروف التاريخية والحضارية ولكن لغة من اللغات مهما اقترضت من غيرها لا يجعلها في نهاية الأمر مشتقة من غيرها، فالمسألة أعمق من معجم اللغة المتغير الذي ينال ألفاظَه الحياة والموت حسب الاستعمال والإهمال، وأنّ للغة نظامًا صوتيًّا وصرفيًّا وتركيبيًّا هو الذي يشكل هُويّتها في المقام الأول. وتشعب الحديث إلى قضايا الإملاء ومشكلات التوثيق العلمي وطائفة أخرى من هموم الدرس واللغة. لست أملك سوى شكر أبنائي الأوفياء وتذكيرهم بما قلته لهم في تلك الليلة وهو: ما من تكريم للمعلم أكثر من أن يرى أبناءه يرفعون راية العلم ويواصلون العمل الصادق المحفوف بالتواضع للعلم نفسه ورعاية ما يقتضيه البحث العلمي الجادّ، فذلك حقًّا العرفان والإكبار.