د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** كان مبتدأُ علاقته المباشرة معه جملتَه المتألمة التي قالها وهو يعود فقيدنا الدكتور عبدالله العثيمين- رحمه الله- حين سأله عن الجامعة والتدريس فأجاب بحرقة: لقد فقد كثير من الطلبة الرغبة في العلم وصاروا لا يجيدون قراءة النصوص الميسرة التي نعطيها إياهم، واشتعل الحديث بعد هذا حول تردي المنتِج والمُخرَج،واستعاد صاحبكم من ذاكرته ملامح هذا الرجل الرزين المبتسم وقارنه بجاره الذي يراه في مسجد الحيِّ الملاصق لبيته؛ أفيكون هو؟ ولكن ذاك دون عقال كما يبدو هذا أكثر حيويةً وأناقةً باعتماره الغترة والعقال، وانصرفا معًا عند أذان صلاة العشاء وتعارفا عند الباب واكتشف أن جار الحارة هو نفسه أستاذ الجامعة.
** ليس غريبًا ألا نتعارف في أحيائنا؛ فقد اكتفينا بالعلاقات العابرة والمصافحات السريعة وأجبرتنا معطيات الحياة على الركض حتى لهونا أو كدنا عن الفرض، وظل صاحبكم يرى أستاذه كما اعتاد فيتبادلان الأحاديث ويلتقيان لمامًا، ولم يكن بحاجة للبحث في سيرة الأستاذ الدكتور عبدالله بن سليمان الجربوع فقد تكرر اسمه على مسمعه من أستاذيه الدكتور العثيمين- رحمه الله- والدكتور عبدالله الغذامي -حفظه الله- حين كانا يرويان بعض حكاياتهما في المغترب الأسكتلندي، كما أن في مكتبته الخاصة شيئًا من مؤلفاته وأبحاثه، ومنها مؤلَّفُه عن «ضرار بن الخطاب الفهري»، وسمع عن تحقيق كتاب «الديباج لأبي عبيدة معمر بن المثنى بالمشاركة مع الدكتور عبدالرحمن العثيمين- رحمه الله- ،كما اطَّلع على بعض أبحاثه عن مرويات «الزبير بن بكار».
** لا يعنيه الحضور ولا الظهور مكتفيًا بعطائه البحثي والتدريسي في جامعتي أم القرى والملك سعود حتى تقاعده وعمله الإشرافي على مدارس أهلية قدرت جهوده فأطلقت اسمه على إحدى أكبر قاعاتها؛ مؤمنًا أن لذة الحياة في قيمها الكبيرة وليس بهرْجها ومرجها وتلاطم أمواجها وأثباجها.
** المعنى أبقى.