موضي الزهراني
منذ صدور نظام حماية الطفل في عام 1436هـ، بدأت تظهر الكثير من المقاطع الإلكترونية المؤذية للأطفال، وكأن المعتدين يؤكدون بأنهم في وضع تحدي مع تطبيق الأنظمة الحقوقية ضدهم وبالذات «أنظمة الحماية الأسرية»! ولايخفى على الجميع بأن العاملين في مجال الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ووزارة الصحة والجهات الأمنية قد واجهوا تحديات لاحصر لها من المجتمع تجاه تطبيق هذه الأنظمة من أجل حماية المُعنفين وبالذات «الأطفال»، حيث قطعوا شوطاً كبيراً لمحاربة ثقافة الكثير من أولياء الأمور الذين يرون بأنه من حقهم استخدام العديد من الأساليب التربوية القاسية بهدف «التأديب» وإن كانت في حقيقتها قائمة على التعذيب الذي لا ترضاه شريعتنا الإسلاميةَ! ويرفضون بشدة تدخل الجهات الرسمية في خصوصيات حياتهم وأساليبهم التربوية مهما كانت نتائجها القاسية أو الداميةَ! ولكن ما نشاهده بشكل أسبوعي من هروب للفتيات أو قتل لأرواح بريئة، أو بلاغات مستمرة على مركز البلاغات 1919 بحثاً عن المساندة والمساعدة إلا نتاج طبيعي لهذه التربية التأديبيةَ! وما حدث الأسبوع الماضي من انتشار لمقطع تلك الأم التي تُحرض الأمهات على ضرب أطفالهن وما صاحب المقطع الذي انتشر في دقائق عبر قروبات الواتس وحسابات التويتر من تفاعل شعبي قوي ضد الأم والمطالبة بالقبض عليها ومحاسبتها، وما توالى في اليوم التالي من مقاطع أخرى للأم تؤكد بأنها مجرد مزحة مع صديقات لها محاولة منها إنقاذ ما يمكن إنقاذه! إلا لدليل قوي على ضعف الثقافة الحقوقية لدى كثير من فئات المجتمع، وضعف ثقافة كثير من الأمهات بوجود الأنظمة الحقوقية التي تحمي الأطفال من أي اعتداء لكرامتهم وطفولتهم حتى لوكان مجرد مزحة ولهو ببراءتهَ! وأن نظام حماية الطفل كفيل بحماية أي طفل يتعرض للاستهانة بإنسانيته وتصويره وهو في حالة مزرية من البكاء والهوانَ! ونشر المقطع في القروبات التي بلاشك لن ترحم ضعفه وتحافظ على خصوصيته، بل ستقوم بنشر المقطع بحسن نيّة من أجل المطالبة بحقه في الحماية من أقرب الناس إليه «بالرغم أن المقطع سيساهم في التشهير به أكثر والسبب والدته التي لم تخش نتائج هذا التصوير»! وإن كانت ولله الحمد وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من واقع مسئوليتها التنفيذية في حماية الأطفال المُعنفين ساهمت خلال 24 ساعة في التوصل لوالدة الطفل مع الجهات المعنيّة واتخاذ اللازم تجاهها وتحويل اطفل للفحوصات الطبية للاطمئنان على حالته بشكل عام، إلا أن الوضع ما زال يُنذر بإنتاج جيل عدواني مهزوز نفسياً ومضطرب سلوكياً قادم وبقوة للوطنَ! مما يتطلب التحرك عاجلاً لنشر الثقافة الحقوقية وآليات وعقوبات الحماية الأسرية، وإلا فإن جميع اتفاقياتنا الحقوقية الدوليّة مجرد حبر على ورقَ!