د. ناهد باشطح
فاصلة:
((إن أسوأ مكان محجوز في الجحيم هو لأولئك الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة))
-مارتن لوثر كنج-
لم يعد اليوم دور المواطن في تشكيل الرأي العام كما الماضي بل أصبح أكثر تأثيراً وعلى ذلك فالمواطن الذي لا يمتلك الوعي الكافي بذاته ودوره في المجتمع يمكن أن يتسبب في أمور قد لا يدرك عاقبتها وأهمها إثارة البلبلة ونشر الإشاعات.
إذا كان المثقف يمكن أن يسقط في شرك البلبلة لمجتمعه من خلال آرائه فكيف نضمن عدم حدوث ذلك للمواطن البسيط في درجة امتلاكه لوعي المثقف.
من أسباب قيام الثورة الفرنسية، الآراء التي بثها فولتير وروسو ومونتسكيو في المجتمع، وليس كما يقال: إن ضيق الحال هو السبب، فقد ذكر المفكر علي الوردي في كتابه «مهزلة العقل البشري «أن الفرنسيين كانوا حينذاك أكثر رفاهية من شعوب روسيا وألمانيا وإسبانيا».
الكلمة مؤثرة حينما ينشرها المثقف وفي عصرنا اليوم وبوجود برامج التواصل الاجتماعي صارت الكلمة مؤثرة دون اهتمام بمصدرها، وصرنا نقرأ في برنامج الواتس أب مقالات لا نعرف من كتّابها وأخبار لا نعرف من مصادرها ومع ذلك نتداولها دون أي إحساس بالمسؤولية تجاه دور هذه المواد الإعلامية التي لم يحررها صحفي أو كاتب محترف إنما هي نتيجة جهد أي مواطن.
لا يمكن إغفال دور المثقف في مجتمعه، وقدرته على إثارة الشغب أو العمل على استتباب الأمن في الأزمات التي لا يسلم منها أي مجتمع إنساني.
كل المجتمعات عادة لا تسلم من الحروب والمشكلات، وهنا يبرز دور المواطن -الذي أصبح اليوم صحفيا في عصر الصحافة الحديثة وصار يمتلك أدوات النشر عبر مواقع مثل تويتر وفيس بوك وعبر برامج كالواتس والتليغرام- بالتنبه قبل تداول الأخبار والمقالات إلى مصداقيتها أولا ومن ثم التساؤل عن هدف هذه الأخبار والمقالات فإن لم تكن إلا لإشاعة روح الإحباط ومحاولة الانغماس في دور الضحية فهو يتحمل مسؤوليتها وإن لم يكن هو الصحفي أو الكاتب..
إن تساهل بعض المواطنين في تداول الأخبار وأي من المواد الإعلامية مثل الفيديوهات يمكن أن يشيع روحا بائسة تبث في أفراد المجتمع الطاقات السلبية ومشاعر اليأس.
على المواطن دور مهم في وقت يحتاج فيه أفراد المجتمع إلى الأفكار المتسمة بالوضوح والحكمة وليس إثارة المشاعر السلبية.
بلدنا اليوم في أمس الحاجة إلى روح المواطن المتسمة بالإخلاص فالوطنية ليست أنشودة نرددها أو عبارات نكتبها إنما هي ترجمة لمشاعر الحب والانتماء.