أحمد بن عبدالرحمن الجبير
لا أدري كيف ونحن نذهب للصلوات في كل وقت، ويذهب بعضنا للمدارس والجامعات والمعاهد أو يخالط متعلمين، ويعمل في المؤسسات والشركات، ويشاهد وسائل الإعلام كيف لا نتأثر إلا بالقيم السلبية، أما القيم الإيجابية التي هي من صلب ديننا الإسلامي يتم التهاون فيها وعدم تطبيقها وتجاوزها أحياناً.
ذات يوم تحدثت مع بعض الأصدقاء، عن تصور المملكة، فقلت لهم تطورت كثيراً، وأصبحت تضاهي الدول المتقدمة، ولو قدمت لمدن المملكة لا تعرفها، فقد أصبحت عالمية الطابع، فقال لا يهمني وضع المدن، ولا العمائر الإسمنتية، ما يهمني هو الإنسان السعودي، هل مازالوا لا يحترمون الإشارات الضوئية؟ وهل لازال البعض يرمي النفايات في كل مكان؟.. وهل هدر الثروة ميزة مصاحبة للسعودي؟.
وهل لازالت أكوام الأرز واللحم والأطعمة ترمى إلى جانب الصالات؟ بينما هناك من هو بحاجة لها!.. وهل لازال التلاميذ يقطعون مناهجهم الدراسية عقب كل فصل دراسي؟ وهل لازال التفحيط والتهور في الشوارع؟ والسرعة الجنونية عادة يومية!.. هذا هو التطور الذي نرغب بأن نسمعه عن السعودية لا الكتل الإسمنتية، ولا استيراد أفضل أنواع السيارات والماركات.
قلت أنا معك بأن هناك من لا يعبأ بهذه الأشياء المهمة!.. وأن بعضا من عاداتنا مخالف لمقاصد الشريعة الإسلامية، ويرمي النفايات أما من شباك بيته أو سيارته، أو يضع أكياس القمامة أمام منزله دون أن يكلف نفسه إيصالها إلى مكانها، فما يجري فيه غياب للمسؤولية ونوع من الأنانية واللامبالاة، وعدم احترام النظام والقانون، وربما كان كل هذا بانعدام العقوبات والرقابة الصارمة من الجهات المعنية.
كما أن مخلفات الهدم والبناء أيضا أمراً في غاية الصعوبة، مما جعل المخلفات تعيق الطرقات وتزاحم الاستراحات لأنها ترمى أمامها، وتعيق حركة المرور، وتكلف الدولة المليارات، وقد تكلف الاقتصاد الوطني أكثر من 5 مليارات ريال سنوياً ففي العاصمة الرياض فقط ارتفعت كمية النفايات من 5 آلاف طن في عام 2000م إلى 15 الف طن في عام 2016، وقد تسببت النفايات في تلوث الهواء، واستجلاب القوارض والحشرات، وتفشي الأمراض وخاصة عندما تتجمع وتتراكم في منطقة معينة.
ما دعاني للكتابة عن هذا الموضع أن الكثير من ملاك الاستراحات خارج العاصمة الرياض يشتكون من تراكم النفيات أمام استراحاتهم، وخاصة عند الاستراحات التي تقع في شمال الرياض حي البساتين، حيث أصبحوا لا يستطيعون الوصول إليها بسبب تراكم النفيات أمامها وفي الطرقات المؤدية إليها دون رقيب أو حسيب من الجهات المعنية، وصاروا في حيرة من أمرهم لأن الشرطة تحول شكواهم إلى أمانات المدن، والأمانات لا يتجاوبون معهم.
فالعديد من الشاحنات والقلابات الحاملة لهذه النفايات يرمون أكواماً منها أمام استراحاتهم، ولا يعتمدون السلامة العامة في تحميلها، فتجدها تتناثر وتتطاير، وتخلف خلفها روائح كريهة وأحياناً تؤدي إلى حوادث على الطرقات إذا ما سقطت قطع الحديد أو الزجاج على الطرق السريعة، وأحياناً يغلقون الطرقات دون أدنى شعور بالمسؤولية، وصارت ظاهرة رمي النفايات في المرافق العامة ظاهرة غير حضارية.
لذا على المواطن والمقيم أن يتحملوا المسؤولية، وأن يتعاونوا مع الجهات المعنية في تحديد أماكنهم وتصويرهم، وإبلاغ الجهات المسؤولة عنهم لمعاقبتهم أشد العقوبات، ونأمل من أمانات المدن معاقبتهم بأشد العقوبات والغرامات، ونقل مخلفاتهم على حسابهم إلى أماكن صحراوية بعيدة عن المدن ومن ثم دفنها أو حرقها أو إعادة تصنيعها وتدويرها، واستعمالها مرة أخرى كمصدر للطاقة، والاستفادة منها من الناحية الاقتصادية.
وأيضاً لابد من دعم برامج التوعية البيئية، وغرس مبادئ النظافة لدى المواطن والمقيم، وتشجيع أفراد الأسرة، والمجتمع على كيفية المحافظة على النظافة، واعتبار نظافة الشوارع، والمرافق العامة كنظافة المنازل، ففي الدول المتقدمة تجد الشوارع، والمنتزهات نظيفة، ولا تجد من يرمي النفيات لأن هناك نظام وعقوبة صارمه، والكثير منا عندما يسافر إلى البلاد الأخرى يلتزم بالنظام، لكن للأسف الشديد لا يلتزم بذلك في بلاده بسبب أن من أمن العقوبة أساء الأدب.
لذا يجب أن نهتم كمواطنين ومقيمين بنظافة أنفسنا، ونظافة بيوتنا وشوارعنا ومرافقنا العامة, وأن نحترم النظام، ويجب أن يكون هناك وعي، ورقابة ذاتية من كل مواطن ومقيم، فتراكم النفايات في الطرقات ضار بالبيئة، ويؤدي إلى انتشار الأمراض، وخاصة على صحة الإنسان، وعلى الجهات المسؤولة اعتماد أشد العقوبات الصارمة، وتطبيقها على من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها أسوة بتطبيق المخالفات المرورية، فالوقاية خير من العلاج.