د.محمد بن عبدالرحمن البشر
في المملكة العربية السعودية، خلايا إرهابية نائمة يتم مراقبتها، وخلايا إرهابية متحركة يتم متابعتها، وخلايا إرهابية على وشك أن تقوم بعملية إجرامية يتم القبض على أعضائها، هكذا هي المملكة المحارب الأول للإرهاب والمساعد الأول بالمعلومات والجهد في مكافحته والباذل الأول للمال في سبيل الانتصار عليه، والساعي الأول للحد من انتشار فكره ومشاريعه، لذا كان لِزاماً على كل فرد منا أن يشكر أولئك القائمين على ذلك، الساهرين على أمن بلادنا، والبلاد الأخرى.
المملكة العربية السعودية، قارة مترامية الأطراف، أهلها مختلفو المشارب، وقاطنوها من كل حدب وصوب، فهناك الهندي، والباكستاني، والعربي، والإفريقي، والأوروبي، والأمريكي، وغيرهم كثير، كل هؤلاء مع اختلافهم في الثقافة والتربية، يعيشون آمنين في هذا البلد الواسع، لكن هذا الوضع الأمني المتحقق، تطلب جهداً كبيراً - وما زال - من رجال الأمن، الذين لا يكلون ولا يملون من ملاحقة أولئك المجرمين القابعين في أماكن متعددة من أرضنا الحبيبة، فلرجال الأمن منا الشكر والثناء.
محاربة ذلك الفكر، تعني محاربة منيعة، وهو المفهوم للدين الإسلامي الحنيف دين التسامح والسلام، وكان فيما مضى يمكن الاعتماد على الوسائل المعتادة والمتاحة من نصح مباشر، وتزويد بالكتب، واختيار الصديق الصالح، أما اليوم وفي ظل انتشار قنوات التواصل الاجتماعي، اختلف الحال، ولا بد معه أن يختلف الأسلوب، وتقفز الأدوات إلى سطح هذا القادم الجديد، والواقع أن ذلك ممكن مع تطلُّب جهد جديد بعقول جديدة.
الإرهابيون استغلوا قنوات التواصل الاجتماعي، وجعلوها مطية للوصول إلى عقول الصغار، والمرضى النفسيين، وأولئك الذين يواجهون أزمات عائلية أو وظيفية، أو مالية، فينساق بعض منهم طلباً للخلاص من وضع لم يعد قادراً على تحمُّله، فيتمسك بتلك القشة لعل وعسى، لا سيما أن دعاة الإرهاب لديهم سحر البيان الباطل، والمقدرة على مناجاة القلوب الضعيفة التي لا تحسن التمييز بين الغث والسمين، فلا تكاد تسمع طرفاً من قول جميل، وأمل عليل، إلا وتنساق الى ذلك الوهم الكبير.
وسائل التواصل الاجتماعي مع ما فيها من خير كثير، إلاّ أنها مع كل أسف قد استغلت من قِبل المتطرفين أيما استغلال، ولم يقتصر ذلك على الإرهابيين من القاعدة وداعش ومن سار على نهجهم فحسب، بل هناك متطرفون من مذاهب أخرى، وديانات ومعتقدات موجودة في أقطار الدنيا، وفيها من يدعو إلى الحقد والكراهية، ونبذ الغير والنيْل منه.
العالم الواسع أصبح متقارباً، في ظل التقنية المتسارعة، وأضحى من السهل على المرء الإطلال على ثقافات الآخرين واقتباس ما يروق له من معين تلك الحضارات والثقافات، لكن مع كل أسف أن هناك من يشوه بعضاً من جمال تلك الحضارات والقيم الموروثة، إما جهلاً أو عمداً أو تعصُّباً لجبلة فيه، وهوى يعتريه، فيعسف النصوص عسفاً، ويوجعها خسفاً، لتطابق هواه، وتظهر كما ارتضاه، بلا وازع من دين، ولا رادع من دين، ولا رادع من ضمير.
وهناك من يشوه الحقائق ويفتري افتراء ويخلق شيئاً من العدم، لا أصل له في الأساس وهذا التّجني يحدث للثقافات والحضارات، أما في السياسة، فحدّث ولا حرج، من تصريح مفبرك، وتقوُّل مزيّف، مرسوم لتحقيق غاية تهدم ولا تبني، وتفسد ولا تجني، سوى الخسران.
فالشكر الدائم لحماة الحدود، وحماة الداخل من مواطنين وموظفين وجنود.