عثمان أبوبكر مالي
فجأة يستيقظ الجمهور الرياضي على قرار إلغاء مباراة كرة قدم كبيرة كانت منتظرة؛ نتيجة (تهديد أمني وخطر هجوم مسلح يشنه إرهابيون) بل إن الإلغاء وإيقاف المباراة قد يتم قبل لحظات من انطلاقتها والجماهير في المدرجات لأسباب أمنية..
حوادث كثيرة نتذكرها في هذا السياق، أذكر منها ما حدث في الموسم الماضي، في شهر مايو عندما تم إخلاء ملعب ـ أولد ترافورد ـ معقل مانشستر يونايتد (لأسباب أمنية) قبل مباراة ألمانيو أمام بورنموث، وذلك ضمن الجولة الأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم؛ للاشتباه في وجود قنبلة داخل أرضية الملعب، وتم إطلاق صافرات الإنذار في الملعب مما جعل الجماهير تغادر المدرجات، وتم تأجيل انطلاق المباراة قرابة ساعة قبل أن يصدر قرار بإلغائها نهائيًا ذلك اليوم، وهناك حادثة إلغاء الشرطة الألمانية مباراة ودية كان مقررًا أن تقام في (هانوفر) بين منتخبي هولندا وألمانيا الغربية في نوفمبر من العام الماضي، وفي نفس اليوم أعلن الاتحاد البلجيكي لكرة القدم إلغاء المباراة الدولية الوُدِّية التي كان مقررًا أن تجمع بين منتخبي بلجيكا وإسبانيا، وذلك بسبب اعتداءات باريس (الهجمات الإرهابية) التي استهدفت العاصمة الفرنسية في نوفمبر 2015م
في مثل تلك الحوادث؛ لا يقف الأمر عند حد إلغاء المباريات وإنما يتجاوزه إلى إلغاء الحفلات والتجمعات والأحداث الكبيرة، وتعيش المدينة برمتها تحت حالة من التأهب الأمني وتتحول إلى (ثكنة عسكرية) ويترتب على ذلك أمور كثيرة أخرى مثل (رفع حالة الطوارئ ورفع مستوى الإنذار الإرهابي) والسبب وجيه جدًا وحتمي وهو وجود (خطر هجوم أو تفجير مسلح أو عمل إرهابي) يقوم به مجرمون مارقون.
الأمر مختلف في بلاد الحرمين (والحمد لله)؛ يوم الأحد الماضي أفصحت وزارة الداخلية السعودية عن (إنجاز أمني) جديد لرجال الأمن البواسل، عندما كشفت عن إفشال (عمل إرهابي) كبير بلغت الترتيبات له مراحلها المتقدمة، كان على وشك الوقوع و(يستهدف ملعب الجوهرة) بمدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة أثناء مباراة منتخبي المملكة والإمارات ضمن تصفيات كأس العالم، باستخدام سيارة مفخخة يتم وضعها في مواقف الملعب، تم إحباط الجريمة النكراء التي كانت وشيكة الوقوع، في وقت مبكر، وقبل يومين من موعد المباراة؛ بفضل (اليقظة والتعامل القوي والتعزيزات والتدابير الأمنية والتعامل الحاسم مع الموقف ورصده الجناة والأطراف المشتبه بعلاقتهم بالتهديد) من قبل رجال الأمن البواسل، كل ذلك تم على (الصامت) ومن غير رفع حالة طوارئ أو الإنذار الأمني، بل ولا حتى من غير لفت الأنظار في موقع الحدث، بوجود عسكري مختلف، أو أن هناك (أي شيء) أصلاً.
إنه الأمن الكبير الذي يحف هذه البلاد العظيمة بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل جهود ورعاية واهتمام الحكومة الرشيدة (حفظها الله) التي جعلت الأمن والأمان يظللان البلاد والعباد في كل وقت ومكان.
إننا نفتخر بتدابير رجال أمننا ونفاخر بيقظتهم، ونشيد بحضورهم المستمر وجهودهم الكبيرة، ويقظتهم الدائمة والمستمرة، وندعو الله لهم بالثبات وأن يحفظ هذا الوطن العظيم المعطاء قيادة وشعبًا.
كلام مشفر
« مقولة مشهورة للخليفة العباسي هارون الرشيد يقول فيها: (لا يطيب العيش بلا أمن) وهي مقولة عملية وعلمية في نفس الوقت، والأمن أكبر نعمة ينعم بها الله بعد نعمة الإيمان على بني الإِنسان، وإنما الاستقرار للفرد والمجتمع لا يتمان إلا تحت مظلة الأمن؛ قال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ).
« في يوم عاشوراء كان هدف المخطط، ذلك اليوم العظيم الذي كان النبي صلى الله يفضله ويتحرى صيامه وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يومَ عاشوراء).
« في ذلك اليوم العظيم الذي افترشت فيه الآلاف من جموع الشباب والرياضيين جنبات ملعب الجوهرة وهم صيام، واحتشدت المدرجات بأكثر من ستين ألف متفرج؛ كان مخطط المجرمين الإرهابيين قتلهم وترويع أسرهم وآبائهم وأوطانهم في المملكة والإمارات وغيرهما، فأي دين يحملونه، وأي عقيدة يؤمنون بها، بل أي قلوب وإنسانية في جنباتهم قاتلهم الله.
« أتمنى عند تنفيذ حد الله الشرعي في الضالين الخونة (مجرمي الجوهرة) أن يكون ذلك في مكان عام، بل في ساحات ملعب الجوهرة حتى يكون الشباب والرياضيون الذين شهدوا يوم عاشوراء في نفس المكان وغيرهم، شهودًا عليهم، وليكون التنفيذ العلني بحقهم عبرة لهم وردعًا لأمثالهم.