سعد بن عبدالقادر القويعي
مبادرة المطلوب أسامة دمجان باتصاله على الجهات الأمنية، معلنا مبادرته بتسليم نفسه، هي عودة إلى فضاء الشرعية، ورحاب العدالة، بعد أن حبس نفسه في سجن كبير؛ تجنبا لسجن أصغر، مرتهنا عقله، وفكره في فوضى ذات أبعاد اجتماعية، وسياسية، وأمنية خطيرة لتلك الآفة الآثمة، التي تدفقت في موجات متطرفة آمن بها، لدرجة أفقدته إدراك متطلبات مجتمعه، أو الوعي بخطورة ما يرتكبه من جرم في حق الوطن، وفي حق الآخرين، ومن ثم القيام بأعمال تقوض دعائم الاستقرار بالمجتمع؛ بدعوى ابتعاده عن تطبيق أحكام الشرع.
يحمل دمجان الرقم «12» في قائمة المطلوبين الـ»85»، التي أعلنت عنها وزارة الداخلية السعودية في عام 2009م، وتضم أخطر المطلوبين من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، الذين كانوا يخططون لعدد من العمليات الإرهابية، ومن أبرزها: تنفيذ عمليات اغتيال تستهدف شخصيات، ورجال أمن، وشن هجمات إرهابية تستهدف منشآت نفطية، والتخطيط لكل ما سبق؛ نظراً لما يتمتع به من قدرات في تصنيع المتفجرات، وهي المهمة التي تخصص بها، وأجادها عندما التحق بتنظيم القاعدة في أفغانستان عام 2001م، إبان انضمامه لمعسكر الفاروق القريب من مدينة قندهار.
إن إزكاء روح المراجعة لدى معتنقي تلك الأفكار، وتشجيعهم على إعادة النظر في مشروعيتها، واستيعاب خطأ الانسياق ورائها، وذلك عبر برامج الاطلاع، والاستماع، والحوار، مع التأكيد على ربط ما سبق بشواهد المتابعة، ومجريات الأحداث، سيضخ دافعا نحو التقدم في الطريق الصحيح؛ من أجل توقف نشاطهم السري، والعلني؛ بسبب تيقنهم من استحالة استمرار مخططاتهم العدائية، -خصوصا- في أعقاب الضربات الأمنية الناجحة التي أصابت التنظيم في مقتل، -إضافة- إلى أن تلك المراجعات عكست عمق تحولاتهم الفكرية، دون أن تخفي من وراءها أية دوافع تكتيكية لالتقاط الأنفاس.
العالمون ببواطن الأمور، وكواليس مطابخ الإرهاب في المنطقة، يتوقعون أن تفتح مبادرة -المطلوب- أسامة دمجان، وتسليم نفسه المجال واسعاً لعودة مطلوبين آخرين، -لاسيما- بعد تهاوي الجماعات الإرهابية، وهزيمتها في عدد من البلدان، وهو ما أكده رئيس حملة السكينة -الشيخ- عبدالمنعم المشوح، داعيا إلى: «مزيد من التحفيز الفكري داخل الجماعات الإرهابية؛ لتفعيل مبادرات المراجعات، والعودة؛ لأن في كل منعطف في مسار أي جماعة تحدث تغيرات يجب أن نستثمرها، وهذه الفترة تعيش أغلب الجماعات العنفية منحنيات عميقة، قد تدفع أفرادها إلى العودة، أو البدء في رحلة المراجعات، مع التنبه إلى مدى مصداقية ذلك».
نجاح الأجهزة الأمنية في قلب المعادلات، يأتي في إطار خطتها المحكمة التي تزامنت مع نجاحها في كشف مخططات المجموعات الإرهابية، وإحباطها قبل التنفيذ، وهي في طور الإعداد، والتحضير، -فضلا- عن سلسلة إجراءات بقيت بعيدة عن الأضواء، كالتعامل بالجدية، والسرعة المطلوبة مع المعلومات المتصلة بالأنشطة الإرهابية، أيا كان حجمها، أو تقييمها.