رجاء العتيبي
هنا يأتيك اليقين بأن جاستا ليست سوى (أداة) لاستدرار عطف الجماهير لأهداف انتخابية هذا في مجلس الشيوخ الأمريكي كما هو الحال قبل أسابيع, هي مجرد أداة ليس غير, ويمكن أن تبتكر أدوات أخرى لمزيد من التعاطف الجماهيري وكسب متابعين كثر, ليس في مجلس الشيوخ الأمريكي, ولكن في مجلس توتير.
بات لدى الكثيرين (ساسة, مثقفين, كتاب) أدوات جديدة لاستمالة التعاطف الجماهيري, أشهرها الضرب على (وتر) اهتماماتهم (الفلوس, الوظيفة, قيادة المرأة...) وغيرها, وبعضهم يكون أكثر جرأة ويبدأ في تنصيب نفسه (ناقداً حاداً) لقرارات الدولة أو الجهات الحكومية أو الوزراء, أو يقف إلى جانب أحد الخصوم مقابل خصم آخر في القضاء الآيدلوجية والطائفية.
لك أن تنتقد ماشئت, وأن تقف مع من أردت, ولكن ليس لك أن (تلعب) على عواطف الجماهير من أجل أهداف خاصة أشهرها جلب متابعين في قنوات التواصل الاجتماعي, لك أن تبدي وجهة نظرك, ولكن ليس لك الحق أن تكبر نتائج المشكلات لدرجة التشاؤم والإرجاف وتخويف الناس أو التشكيك في بعض مؤسسات الدولة أو بعض المسؤولين.
ليس لدى هؤلاء المهووسين بكثرة المتابعين أي مانع في استصدار قانون على شاكلة (جاستا) رغبة في حشد أكبر عدد من المتابعين لحساباتهم الشخصية على قنوات التواصل الاجتماعي, إذا كانوا قد (تلاعبوا) بعواطف الجماهير زوراً وبهتاناً, فليس لديهم ما يمنع من صناعة جاستا تويترية.
اعمل من أجل الجماهير بصدق, واعمل من أجل قرارات الدولة بوعي وبعد نظر, ولكن لا تستغل ذلك من أجل أن يصفق لك الجماهير زوراً وبهتاناً, وتمشي مزهواً بأن متابعيك (مليون) أو أكثر, ليس هذا هدفاً أخلاقيا, الهدف الأخلاقي أن تعمل عملاً صالحاً لا ترجو جزاء وشكوراً من الناس, إلا من الله وحده, عملاً خالصاً لوجه الله ترجو ثوابه.
إذا كان لديك موهبة مثيرة أو قولاً نافعاً أو عملاً لاقى توجهاً جماهيرياً نحوك فلا بأس, وهذه مهمة أخلاقية تحسب لك, لأن العملية كلها صادقة, شيء مقابل شيء, أما أن تكون فارغاً أو مهووساً بالجماهير, وتستغل حاجاتهم لأهدافك الخاصة فهذا أمر غير أخلاقي ويجعلنا نتحفظ على فعلك.
احترم (عواطف) الجماهير, لا تتجاهلها, ولكن لا (تستغلها) من أجل منافعك الشخصية, هذه أمور انكشفت لدى الجميع, مثلما انكشفت أساليب (شراء) المتابعين, فاضطر الكثير أن يتخلى عنها, لا نعلم عن الأدوات (الاستغلالية) الجديدة التي سيلجأ لها البعض من (الفارغين) و(الحمقى) لجلب المتابعين.