«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كنا مجموعة من السياح الخليجيين نجلس نحتسي الشاي بالنعناع في ترابيا بإسطنبول عندما سألت «أبوعبد الرحيم» من الإمارات عن سبب زيارته إلى تركيا فقال: نظرة العرب لتركيا تنبع من زاوية انتمائها القوي للعالم الإسلامي ولدورها التاريخي في جوانب ومجالات عديدة في عالمنا العربي. عندما قاطعه «أبو برجس» من الكويت قائلاً: لا تنسى أن تركيا في هذا الزمن استطاعت أن تنقل حضارتها وثقافتها بذكاء من خلال مسلسلاتها الدرامية التي استطاعت التأثير على الكثير من الأسر في المجتمع العربي. وأضاف تصدقون يا أخوان لقد غيّرنا حجزنا من لبنان بالرغم من أننا نملك شقة في بحمدون.. لكننا بالطبع خضعنا لرغبة جميع أفراد الأسرة أن تكون صيفيتنا في تركيا. ونفس الكلام أكَّده «أبو صالح» من الرياض الذي قال: تركيا بلد جميل وسياحي من الدرجة الأولى وتتوافر فيه مختلف الخدمات والتسلية والأهم هذا الكم الهائل من الإسلاميات جوامع ومساجد وتحف وتذكارات وأطعمة ولا تنسون يا جماعة الأسعار في تركيا معقولة جدًا. بالمقارنة بغيرها من الدول ذكرت ذلك في بداية هذه الإطلالة لهذا اليوم تأكيدًا لما نراه من إقبال كبير من السياح الخليجيين وعرب وحتى أوروبيين وصينيين لزيارة تركيا.. ولن أكتب هنا عن تركيا الدولة والحضارة. فهذا يتطلب كتبًا بل مجلدات. لكنني سوف اختصر على مدينة (إسطنبول) هذه المدينة التي تستقطب ملايين الزوار من مختلف دول العالم وعلى الأخص أبناء المملكة والخليج والعرب. هذه المدينة التي تشبه امرأة تسترخي بحشمة على شاطئ البوسفور تداعب الشمس وجهها المشرق الجميل وتتطاير خصلات شعرها الذي يختفي جله خلف الحجاب. هذه المدينة التاريخية التي شهدت امبراطوريات بيزنطية ورومانية وإسلامية. كل ما فيها يحكي لزوارها جانبًا عظيمًا من تاريخها. أيا صوفيا، مسجد السلطان أحمد، قصور السلاطين، أسواقها التاريخية.. حوانيت الحرفيين.. معاهد ومدارس الخط العربي والزخرفة. مكتباتها التاريخية التي تحتوي على مئات المجلدات والوثائق والمصورات.. وعندما تسير في شوارعها أو تشاهد قصورها وجوامعها التي امتازت بقبابها ومناراتها المتعددة. أو تستمتع بمشاهدة أسواقها الزاخرة بمختلف المنتجات التي تتميز بلمسات إسلامية رائعة.. تجعلك تحبها، بل تتمنى لو طالت أيام إجازتك حتى تستطيع زيارة مدن ومناطق أخرى. لكن هذا المدينة الحسناء رغم تاريخها القديم لكنها تتجدد يومًا بعد يوم، ففيها مختلفلخدمات العصرية التي يبحث عنها هواة وعشاق السياحة والاستجمام. ومن أشهر المزارات التي تجذب السياح المسلمين وغير المسلمين «أيا صوفيا» الذي تحول من كنيسة إلى مسجد أيام العثمانيين ثم إلى متحف رسمي في ظل الدولة التركية الحديثة ولا تبدو عظمة أيا صوفيا ومجدها من الخارج مثلما هي من الداخل فباستثناء القبة الشامخة التي ترتفع إلى 55 مترًا يبدو كل شيء عاديًا من الخارج. وتدهش وأنت تقف بين هذه الأعمدة الضخمة لتجسد لك كيف كان عليه الفن والتطور المعماري في البناء والهندسة والإبداع لأربعة عشر قرنًا وأكثر. وبقدر ما كانت أيا صوفيا يومًا رمزًا للحضارة البيزنطية ها هي اليوم فإنها في هذا العصر رمز للحضارة الإسلامية التي أنقذتها من الزوال ولتؤكد للعالم مدى ما حققته الحضارة الإسلامية من إنجازات مختلفة في مختلف المجالات العلمية والثقافية والفنية وحتى الثار والتاريخ.. والجميل ألا تشعر بالتعب وأنت تتجول داخل هذه المدينة وما فيها من كنوز حضارية مدهشة. فباستطاعتك الجلوس في أحد المقاهي المنتشرة في مختلف شوارع وأسواق هذه المدينة. وبإمكانك الاستمتاع بتناول طبق من الحلويات التركية اللذيذة التي يتفنن في عملها خبراء في إنتاج أنواع عديدة من الحلويات والبسكويت والكيك. كذلك سوف تحتار ماذا تختار من عشرات الأطباق من المطبخ التركي الشهير مشويات ومقبلات وطواجن، إضافة إلى أنواع مختلفة من الأطعمة الشرقية والغربية وحتى الآسيوية.. نعم سوف تحتار وحيوتك سوف تتبدد وتتلاشى أمام المشويات من اللحوم البرية والبحرية، وللمأكولات البحرية في إسطنبول حضورًا لافتًا في مختلف المطاعم والفنادق، وماذا بعد عندما تغادر إسطنبول سوف تردد بينك وبين نفسك. لي عودة أخرى ايتها الحسناء.