د. عبدالواحد الحميد
نائب سابق في البرلمان الكويتي يخوض الانتخابات النيابية الحالية في الكويت خاطَبَ جمهورَه مؤخرًا قائلاً: «اللي عنده شي يطلعه ويحاسبنا بكره، وما يقعد يكتب في تويتر مثل الحريم الله يكرمكم».
هذه الذهنية المتخلفة التي تحتقر المرأة كانت هي السائدة في مجتمعات وأماكن كثيرة من منطقتنا، وكنا نظن أن التعليم وارتفاع مستوى الوعي وما شهدته المنطقة من تغيرات تنموية خلال العقود الماضية قد أزاحت هذه الذهنية البائسة لصالح نظرة مستنيرة تحترم المرأة، لكننا نكتشف في لحظة صاعقة وشفافة أن هذا الإرث الثقيل ما زال جاثمًا على كاهل مجتمعاتنا.
ولو أن مَنْ تلفظ بهذه الكلمات إنسان من العوام الذين لم ينالوا نصيبًا من التعليم لاعتبرنا الموقف يمثل حالة لا تنتمي إلى حاضر مجتمعاتنا، لكن من قال هذه العبارة هو نائب برلماني سابق ومرشح حالي في الانتخابات النيابية!!
هل كان الرجل ينساق خلف إغراء استمالة فئاتٍ ظن أنها تؤمن بدونية المرأة فخاطب تلك الفئات بما اعتقد أنها تحب سماعه من الكلام طمعًا في أن تصوت له في الانتخابات!؟ أم أن هذه الكلمات التي خرجت على لسانه تمثل حقيقة تفكيره ونظرته الدونية المتخلفة للمرأة؟
في كلتا الحالتين، ما حدث أمر محزن. فإذا كان الرجل يحاول استمالة جمهور معين حتى لو على حساب كرامة المرأة فإن ذلك يمثل انتهازية بغيضة غير مقبولة وموقف غير أخلاقي، وإذا كانت الكلمات التي تفوه بها تعبر عن نظرته الحقيقية تجاه المرأة فماذا يُنتظَر من مثل هذا المرشح لو فاز في الانتخابات ودخل البرلمان مدججًا بهذا القدر المهول من التخلف!؟
الحقيقة المؤسفة هي أن هناك أناسًا كثيرين في منطقتنا مازالوا ينظرون إلى المرأة نظرة دونية بالرغم مما وصلت إليه من تعليم وما حققته من إنجازات في ميادين العمل، ونحن لن نتقدم كما ينبغي طالما أن بعض هؤلاء يستطيع أن يقفز إلى مواقع التأثير في المجتمع كالبرلمان والشورى والصحافة والجامعة والوظائف القيادية المختلفة.
لكن الحقيقة المؤكدة أيضًا هي أن المرأة نصف المجتمع، وأنها ستفرض نفسها طال الزمن أم قصر.