د.عبدالعزيز الجار الله
كان الحوثي قبل أن يدخل في صراع مع المخلوع علي صالح، وقبل أن يدخل في مواجهة مع بلادنا، كان الحوثي يتمتع بالأمن والاستقرار في معيشته ومذهبه وسلطته المحلية على صعدة باليمن، لكن الوضع تغير عندما لعب دورًا أكبر من مذهبه وجماعتة بالمنطقة واعتقد أن الجذور التاريخية العرقية والتبعية المذهبية وحرس المخلوع علي صالح والدعم المالي والعسكري والسياسي من إيران أن تحقق أمانيه القديمة أن يكون له دور في حكم اليمن ويصبح جندي إيران في جنوب الجزيرة العربية، ويكون أيضًا الكماشة الجنوبية مع الطرف الثاني العراق الكماشة الشمالية في يد إيران.
التاريخ علمنا أن كثيرًا من القراءات الخاطئة هي نهاية المغامرين وتجر وراءها كثيرًا من الخسائر والفشل في المواقف والأرواح والأموال وهذا الذي حدث للحوثيين عندما اختاروا دور البطل في حكم اليمن والنزاع المباشر مع السعودية، فالصاروخ الثاني الذي أطلقوه من صعدة بتجاه مكة المكرمة يوم الجمعة الماضية سيغير كثيرًا من المعادلات على الأرض، الموقف الدولي الإسلامي حيث نددت معظم دول العالم الإسلامي بعد صاروخ مكة وكشف سوء وجرم الحوثيين في استهداف مكة المكرمة قبلة المسلمين وبيت الله، وأعطى صورة واضحة للحوثيين وحجم سلوكهم المشين، وأنهم لا يترددون في مهاجمة مكة من أجل مصالحهم، وهذا أفقدهم أي رأي محايد في الموقفين العربي والإسلامي، وعزلهم سياسيًا ومذهبيًا.
إيران التي كسبت تعاطف العالم في بداية ثورتها عام 1979م باعتبارها ثورة شعبية وثورة ضد الاستبداد خسرته عندما تحولت إلى دولة مذهبية شيعية ضيقة، ودولة تصدر الثورات، ودولة عدوانية على الجوار، ودولة تهاجم الأماكن المقدسة عبر مد الحوثيين بالسلاح والمال والتدريب على إطلاق الصواريخ، وقد بدأت أوراقها تنكشف وتتساقط للجميع.
حتى يتم إسقاط العدوان الإيراني وتدخلها في أراضي العرب لا بد من تعرية السلوك والموقف الإيراني سياسيًا وإعلاميًا وفكريًا، وهذا يتطلب التحرك الإعلامي من خلال تقوية المؤسسات الإعلامية الحكومية والهيئات والمؤسسات الخاصة باعتبارها خطًا دفاعيًا يأتي خلف الخطوط القتالية، وسلاح ميدان في الصراع الدولي الذي تحشد له إيران كل الطاقات لتوظيفه في معركة تصدير الثورة.
فالتعامل مع صاروخ مكة الثاني من البعد الديني استهداف قبلة المسلمين وتخطيه مناطق: جازان وعسير والباحة ووصوله إلى مكة المكرمة، يزيد من الإلحاح على أهمية تقوية القطاع الإعلامي العام والخاص حتى يصل صوتنا وموقفنا للعالم.