عبدالحفيظ الشمري
حدود الوطن هي الإطار الذي يجمعنا، وهي الخطوط التي تبدأ في رسم معالمه، وهي الشرايين التي تضخ للقلب النابض مكة المكرمة العاصمة المقدسة لبلادنا، وكل مدننا غزارة الحب، ووفرة الشوق إلى أن يكون الوطن آمناً، وينعم بالخير، وأن تكون رؤى الشعب والحكومة متوائمة ومتناغمة، وإن لم تتطابق فحري بأحدهما أن يُصحح للآخر ما قد يحسبه رؤية تحتاج إلى تقويم، من أجل أن تستمر رحلة البناء والتنمية.
فكلنا مع الوطن، وقلوبنا مع من يقفون الآن على حدوده؛ يحرسون الثغور، ويبذلون كل غالٍ خدمة للوطن، لذلك فهو يحتاجنا مرة، ونحتاجه مرات.. أي أننا في حالة سلف وقرض ودين؛ يجدر بنا أن نسدده له عن طيب خاطر وحب من أجل أن ننعم بمزيد من الأمن والأمان في كل جزء عزيز منه.
حدود الوطن تتجاوز كونها شعاراً للجميع إلى أن تكون مبدأ نتفاعل معه، ونؤيده، ونعاضده، يكتمل مشروع الأمن لبلادنا، وأن تكون هذه الحدود بكل تفاصيلها، وتضاريسها ومكوناتها الجبلية والمائية والسهول والرمال هي جزء أصيل من مكونات الوطن..
فالمبدأ هنا واقعي وحقيقي، يفوق الشعار أو الأماني أو التخيلات، فليس أقسى وأقوى من تهديد حدود الوطن بمتسللين يحاولون إلحاق الأذى بالمواطنين على أرض بلادنا، وهؤلاء يعلمون جيداً أن الوطن بخير ويعجزون عن مسّ شبر منه، عِوضاً عن ما يدّعيه كذباً بعض المأفونين بأشداقهم المتورمة بأنهم تقدموا بعمق أراضي بلادنا، فهم لا يفعلون شيئاً أكثر من إيذائهم لأنفسهم؛ وكشف من يرسلهم أمام العالم بأسره.
ولا ننكر أو نتجاهل أن حدود الوطن مهددة فعلاً من قِبل العدو الفارسي وأذنابه هنا وهناك، لذلك من المجدي أن نكون أكثر يقظة، وصبراً، وتحمُّلاً، لنتجاوز هذه الأزمة التي لا تزيدنا إلا إصراراً على أن نُحصِّن حدود الوطن، ونسعى جميعاً إلى أن ينعم أبناء جازان ونجران ومن لاذ بهما بالأمن والطمأنينة، وأن يكون هذا الامتحان مدعاة إلى أن نستعد على جميع الحدود، وفي مقدمتهم جنود الوطن المحاربون؛ الذين يبذلون جهوداً مضاعفة من أجله.
فمن الضروري أن نهتم بهؤلاء، ومثلما يُضاعف الله لهم أجر الجهاد في سبيله من أجل الوطن؛ يجدر بكل الجهات الخدمية أن تتفاعل معهم لتحل الكثير من معاناتهم الحياتية.. كبعدهم عن أُسرهم.. كأن ترفع عنهم الديون، وتضاعف الخدمات لذويهم، ويكون هناك برنامجٌ وطنيٌ لخدمة ذوي المحاربين على حدود الوطن، لأن ما يُلاحظ حقيقة أن هؤلاء الرجال البواسل لا يزالون ينتظرون المزيد من العون، وتحسين الأوضاع؛ لكي لا يستشعروا أي خوف على من يعولون..
فالوطن وحدوده أمانة لدينا جميعاً، ويجدر بنا التفاعل مع كل ما يخدمه، ويسهم في أمنه، واستقراره.. وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل شر..