عماد المديفر
سأروي لكم في ختام المقالة ما قاله لي صديقي «أبو جاسم» البحريني الشيعي الإمامي الإثنى عشري العربي الأصيل حول رؤيته للحل لما وصفه بأنه «قلاقل وحروب وعدم استقرار في المنطقة»..
أما من لا يعي حقائق الأمور وخلفياتها؛ فإنه يتساءل ببلاهة: ما السبب الذي يدعو ميليشيات الحوثي إلى إطلاق صاروخ باليستي باتجاه مكة المكرمة فجر الجمعة الماضي..؟!.
نريد أن نُذكر بداية من يقرأ المقالة من غير السعوديين واليمنيين أن اليمنيين -كما يعلمون تماماً- هم أهلنا وإخواننا ومنّا وفينا.. ولحمنا ودمنا.. وأنه لا يوجد أحد في هذا العالم أقرب لليمنيين من السعوديين.. بخلاف أن أكثر من مليون يمني يعيش في المملكة، وأن المملكة هي بلد اليمنيين الثاني.. هذه حقائق على الأرض.. لكن هل ميليشيات الحوثي يمنية؟!.. أم هل هي زيدية؟!.. اليمنيون أنفسهم يقولون بأن اليمن والزيدية براء من ميليشيات الحوثي براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
وللعلم؛ فإن الشيعة الإمامية الإثنى عشرية ترى «كُفر» الزيدية كما ترى «كُفر» السنة تماماً.. كونهم لا يقرون لجعفر الصادق -رضي الله عنه- ولا لمن بعده من أئمة الشيعة الإثني عشرية بالإمامة، ومسألة الإمامة عند الشيعة من أصول الدين، يكفر منكرها. يقول «الشيخ» المفيد (أحد أكبر علماء الإمامية الإثني عشرية): «واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة وجحد ما أوجبه الله -تعالى- من فرض الطاعة.. فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار» انظر أوائل المقالات للشيخ المفيد.
كما أن الإمام الزيدي يحيى بن الحسين «الهادي» يرحمه الله في كتابه «الأحكام» كان قد «كَفَّر» الشيعة الإمامية الإثني عشرية دوناً عن بقية الفرق والمذاهب الإسلامية، ووسمهم بـ «المشركين».
فهل غاب عن ذهن مَن تعجب مِن استهداف الحوثيين لمكة أن ميليشيات الحوثي ليست سوى ذراع من أذرع الحرس الثوري الإيراني المجوسي تماماً كحزب الله؟! وهي وبالأدلة الموثقة أداة من أدوات طهران التي زرعتها في اليمن، مخترقة المذهب الزيدي في اليمن منذ الثمانينيات.. لتخرجه عن الزيدية إلى الثورية التكفيرية الخمينية، ولتنفذ عبره مخططاتها التوسعية..؟!.
وليرجع إن شاء إلى تصريحات وخطب قادة الحركة الحوثية بدءًا من الهالك المقبور حسين بدر الدين الحوثي وملازمه، وليس انتهاءً بالعميل عبدالملك وغيرهم من قادة ما يسمى تنظيم «الشباب المؤمن» و«أنصار الله» الذين يعلنون صراحة -وفي خطاب متماهٍ مع النظام الإيراني الذي تُكفره الزيدية- بأن «الطريق إلى القدس يمر بمكة» وأنه ينبغي احتلال مكة المكرمة أولاً لتحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي! وأن «إيران قائدة الأمة الإسلامية»..!.
إن شعارهم «الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود» مجرد محاولة بلهاء لتسويغ استهداف قبلة المسلمين..
أغاب عن ذهن المسكين المتعجب من إطلاق هكذا صاروخ تجاه مكة شرفها الله؛ أن أدبيات الثورة الخمينية الحاكمة بالحديد والنار في طهران، لم تفتأ وهي تخطط وتنفذ لهدم وتدمير واحتلال حرم الله الآمن في مكة المكرمة وفق مخطط شيطاني حثيث.. منذ تولي الشيطان الأكبر الخميني.. وحتى الشيطان خامنئي.. وتلاميذهم من عمائم الشياطين والإرهاب المنتشرين اليوم في العراق ولبنان واليمن وغيرها.. فهي تعتبر مكة المكرمة «الجائزة الكبرى»..؟!.
وليرجع هذا المخدوع المسكين إن شاء إلى تاريخ اعتداءات إيران وعملائها على قبلة المسلمين، فور نجاح الخميني في القفز باسم الإسلام على مقاليد الحكم في إيران في ثورة ما سُمي بـ «ربيع إيران»، وبداية هذه الاعتداءات شوال العام 1980م فالعام 1983 في شهري شوال وذي القعدة، فذي الحجة 86، وذي الحجة 87، وذي الحجة 89، وليس آخرها ذي الحجة 2015م.
وليرجع لما سُمي بـ «الخطة الخمسينية لآيات قم».. وليرى موقع اليمن، بل والعراق وسوريا ولبنان ودول الخليج العربي ومصر والسودان والأردن.. ليرى موقعهم من هذه الخطة..
تناقشت مع أخِ لي -بمعنى الكلمة- شيعي بحريني قبل أكثر من ثلاث سنوات عن ذلك، وعن الوضع في المنطقة.. فقال نصاً: «كل خطط وسياسات إيران توسعية لاحتلال العراق وسوريا ولبنان والأردن ومصر والسودان.. أما السعودية فهي الجائزة الكبرى.. إنها تعمل في نهاية المطاف على تدمير السعودية..» سألته: «وكيف السبيل للسلام والوئام»؟ فأجاب: «سلام..! لا سلام إلا بسقوط حكم الملالي في طهران.. ومالم تعمل دولنا العربية والإسلامية على ذلك.. فالدمار سيصلنا لا محالة».
إن «مكة» شرفها الله.. و«شوكة المسلمين» هي المستهدف الأول والأخير.. ومالم تجتمع منظمة التعاون الإسلامي لوضع حد لهكذا اعتداءات من أذرع إيران الإرهابية، والقضاء على الطغيان الإيراني.. فمتى ستجتمع وتتعاون وتتداعى؟!.
صديقي «أبو جاسم» اسمه «سلام». فعليه مني السلام والتحية والإكرام. فهو مثال للشيعي الإمامي الإثني عشري العروبي الوطني.. «سلام» دائماً ما يفاخر بأن نسب أسرته يعود للأحساء، والأحساء تفخر بك. فتحية لك «أبي جاسم».