تسعى (رؤية السعودية 2030) إلى بناء اقتصاد مزدهر غير قائم على النفط، وتهدف الخطة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية ستة أضعاف من نحو 44 مليار دولار سنويا إلى 267 مليار دولار سنويا، كما تهدف إلى زيادة حصة صادرات المملكة غير النفطية من 16% من الناتج المحلي حاليا إلى 50%، وقد أكد سمو سيدي ولي ولي العهد أن المملكة تستطيع العيش بدون نفط بحلول عام 2020م، وأنها قادرة على تحقيق هذه الخطة الاقتصادية حتى لو كان سعر النفط ثلاثين دولارا أو أقل، وفيما يتعلق بمجال الطاقة فتعمل الخطة على إنشاء مجمع ضخم للطاقة الشمسية في شمال المملكة لتوليد طاقة من مصادر متجددة.
ومن أهم ما تضمنته وتسعى رؤيتنا الطموحة إليه إنشاء شركة قابضة للصناعات العسكرية تكون مملوكة بنسبة 100% للحكومة، وكما قال سمو سيدي ولي ولي العهد: «لا يعقل أن تكون المملكة ثالث أكبر دولة عالميا في الإنفاق العسكري وليس لديها صناعة عسكرية»!!.
كما تسعى هذه الرؤية الطموحة - بحسب ما تناقلته الصحف ووسائل الإعلام ووكالات الأنباء إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من 3.8% حاليا إلى 5.7%، وتعمل على خفض نسبة البطالة من 11.6% إلى 7%.
والناظر إلى هذه الخطة يجدها جريئة وطموحة، لكن السؤال المهم من سينفذ هذه الخطة العملاقة؟! الإجابة: إنهم أبناء الوطن الأوفياء بالطبع! وهنا نجد أنفسنا بصدد سؤال أكبر وأعمق: هل صُناع التعليم ورجالاته ومخرجاتنا التعليمية قادرة على تحقيق هذه الخطة الطموحة وتحقيق أهدافها ومواكبة مراحلها المختلفة؟!.
لا أقلل من قيمة وقدر المجهودات الكبيرة التي تبذلها جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية برجالها المخلصين في كافة المراحل، حيث هم رأس مالنا الفكري الذين يعتبرون أهم عناصر التنمية الاقتصادية، وتفوق قيمتهم كثيرا من الأصول المادية لكنني فقط أود لفت الأنظار إلى أهمية الاقتصاد المعرفي فهو رأسمالنا الحقيقي وعماد نهضتنا، والتعليم هو حجر الزاوية في تطوير إمكانات هذه الثروة للاستفادة منها واستثمارها على النحو الأمثل.
والاعتماد بعد الله عز وجل على أبناء وطننا الأوفياء في صناعة جيل يحمل هم الوطن ويخرج أجيال قادرة على التعامل مع تلك الخطط الطموحة، وإذا نظرنا إلى كل التجارب الاقتصادية الناجحة في العالم مثل اليابان وكوريا وسنغافورة وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وحتى جنوب أفريقيا ... وغيرها لوجدنا أن التعليم هو سر النجاح، ففضلا عن النهضة التعليمية والتقدم المذهل في مجال البحث العلمي الميداني والأكاديمي في هذه الدول، هناك أمر غاية في الأهمية وهو ربط التعليم بسوق العمل؛ وذلك لإيجاد أيدٍ عاملة مدربة تقود التنمية الاقتصادية في البلاد وفق احتياجات السوق الفعلية.
وهذا هو عين ما ينتظره أبناء الوطن من أستاذنا صاحب المعالي الأستاذ الدكتور وزير التعليم وفقه الله ورعاه، حيث إن الوطن ليس في حاجة إلى تخريج مئات الآلاف من الشباب سنويا ممن يحملون الشهادات الجامعية في مختلف التخصصات النظرية الذين لا يحتاج إليهم سوق العمل جميعا، فهذا معناه إضافة هذه الأعداد الهائلة كل عام إلى جيش العاطلين عن العمل أو توظيف جزء منهم لتقليل نسبة البطالة، وفي الواقع تبقى هذه بطالة مُقَنَّعَة لا تفيد دورة الإنتاج ولا عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة.
لابد من تحرك سريع وعاجل للمهتمين بالتعليم في بلادنا لوضع خطة طموحة ترفع كفاءة مخرجاتنا التعليمية أولا، وتربطها بسوق العمل ثانيا، وتحقق الاكتفاء لمحاكمنا ومدارسنا, وما يتطلبه وضعنا الاجتماعي ثالثا، وتكون قادرة بإذن الله تعالى على قيادة التعليم في بلادنا دون الحاجة إلى التعاقدات الخارجية رابعا، كذلك نتطلع إلى أن تكون بلادنا رائدة للتعليم ومن أوائل دول العالم في جودته خامساً، وفي رأيي المتواضع أننا في أمس الحاجة إلى التحرك في هذا الاتجاه فورا، فهلا انتبهنا إلى ذلك لتسريع قطار النهضة وجني ثمرات رؤية (2030) في أسرع وقت ممكن!.
فالأمر فصل وما هو بالهزل ويحتاج الكفاءات المؤهلة ليست فقط لتنفيذ أهداف الخطة بل لتحقيق النتائج المأمولة منا بكفاءة وفاعلية.. أسأل الله جل وعلا أن يديم توفيق سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس لوزراء وزير الداخلية، وسمو سيدي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وأن يبارك في جهودهم ويسدد خطاهم.
د. عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز السبيعي - أستاذ الدراسات العليا المشارك بالمعهد العالي للدعوة والاحتساب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية