إبراهيم عبدالله العمار
الذكاء العقلي معروف، ومطلوب، يتمنى الكثير أن يكونوا أكثر ذكاءً لينجحوا ويغتنوا، لكن من المفاجآت التي فتح العلم أعيننا عليها أن أصحاب ذكاء عقلي مرتفع ليسوا أنجح الناس، بل هذا من نصيب أصحاب الذكاء المشاعري المرتفع. (أيضًا أهل الذكاء المرتفع كثيرًا ما يكونون أكثر ميلاً للاكتئاب والحزن، لكن لهذا موضوع آخر).
ما هو الذكاء المشاعري (يسمى أيضًا الذكاء العاطفي)؟ أن تكون ذكيًا في مشاعرك وتصرفاتك. الذكي شعوريًا يتعرف على مشاعره ومشاعر الآخرين، ويفرق بين أنواع المشاعر ويصفها بصحة، ويعتمد على هذه المعلومات في تصرفه ليفعل الشيء الصحيح. رأينا في مقال سابق بعنوان «هل الذكي أنجح من غيره؟» أمثلة عليه، واليوم سنرى مبادئ مهمة ذكرها خبراء نفسيون في كتاب «الذكاء المشاعري 2»، وهذه تخص الوعي بالذات، أي كيف تعي مشاعرك وتأثيرها عليك، ولهذا مبادئ كثيرة، من أبرزها:
- توقف عن معاملة مشاعرك على أنها إما طيبة أو سيئة: الناس يصفون الخزي أنه سيء مثلاً، والحماس أنه طيب. المشكلة في وسم المشاعر بالسلبية أو الإيجابية أنه يعيقك عن فهم ما تشعر به. عدم الحكم على المشاعر يتيح لها أن تأخذ مجراها ثم تختفي.
- لاحظ امتداد تأثير مشاعرك: ماذا يحدث إذا ألقيت حصاة في الماء؟ تموجات تتوسع، وكذلك مشاعرك، فلها تأثيرات على غيرك. مثلاً: مدير يفقد أعصابه ويصرخ على موظف أمام الآخرين. يعود الموظفون لعملهم بمشاعر سلبية. يظن المدير أن هذا التوبيخ يفيد الإنتاجية لأنه لقن الموظفين درسًا وجعلهم يحرصون على العمل - حسب ظنه-، لكن في نهاية السنة كل منهم يفضل الأمان ويرفض المجازفة بأفكار أو مبادرات إبداعية تفيد العمل خوفًا من الخطأ أو الفشل ومن ثم التوبيخ، يُلفت نظر المدير من قبل مجلس إدارته بسبب ركود فريقه وفشلهم في الإبداع والتطوير، وسيلوم المدير الموظفين على هذا! يجب أن تقضي وقتًا تتأمل فيه تصرفاتك، وأسأل الناس كيف تأثروا بمشاعرك. كلما فهمت هذا صرتَ أقدر على انتقاء نوعية التموجات التي ترسلها.
- تَعمَّق في ضِيقك: أكبر عائق لوعيك بالذات هو تفادي الضيق الذي يأتي من رؤيتك لنفسك على حقيقتك. واجه الشعور غير المريح بدلاً من تفاديه، حتى الأشياء الصغيرة مثل الملل والحيرة والترقب. كلنا يجب أن يواجه كبرياءه وشعور الأنا: البعض مثلاً يظن أن الاعتذار هو للضعفاء، فيظل غير مدرك متى يجب أن يعتذر، أو مَن يكره الشعور بالإحباط فيظل يشغل باله بأنشطة تافهة لا تُشعره بالرضا. بعد أن تواجه ضيقك ستجد أنه ليس سيئًا. المفاجئ هو أن مجرد التفكير في هذا سيساعدك أن تتغير.
- راقب نفسك كالصقر: الصقر يحلق عاليًا ويرى كل شيء يحدث تحته. ما أحسن لو فعلنا هذا لنرى كل شيء من العلو ونفهم الكثير مما يحدث. موضوعيتك ستتيح لك أن تخرج من سيطرة مشاعرك لتعرف بالضبط ما تحتاج فعله. ما تقدر أن تفعله في المواقف هو أن تبطئ نفسك وتتشرب كل ما أمامك، مما يتيح لعقلك أن يعالج المعلومات قبل أن تتصرف. اشتغل على إتقان هذا، أن ترى نفسك من فوق، بتجرُّد من الانفعال، بموضوعية.