د.ثريا العريض
من 25 إلى 27 أكتوبر, في اجتماع لمجموعة مراقبي مستجدات الخليج التي تقتصر عضويتها على باحثين خليجيين متخصصين في شؤون الخليج عالميًّا, استضافت البحرين الملتقى الاستراتيجي الخليجي الخامس.
لم أستطع حضوره لوعكة صحية, كما تغيب بعض الزملاء في مؤتمرات عُقدت في واشنطن وبموسكو. ومع هذا فالتقنيات الحديثة أبقتنا جميعًا على تواصل تام، نتشارك في متابعة ومواكبة كل ما يحدث في كل تلك الملتقيات المهمة. وهذا فضل التقنية علينا.
وللتقنية جوانب سلبية حين يُساء استخدامها؛ فساحة تويتر والواتس آب تفيض بتفاصيل سلبية، تزعزع الثقة بالمسؤولين، يتداولها المستخدمون لوسائل التواصل دون أن يتريثوا ليتساءلوا عن مصدرها ومرجعيتها؟ ومدى صحتها؟ أهي حقيقة أم اختلاق؟ وما الهدف من نشرها؟ بل إن بعضها بفعل فاعل مغرض، يتقمص صورة وثائق وقرارات رسمية، تنسب لأعلى مستويات صنع القرار, وتنتشر، ويتضح لاحقًا أنها اختلاقات مغرضة.
علينا أن نتعلم التمحيص والتأكد من المصادر الموثوقة. وأول سؤال هو: من وراء ما يحدث؟ وكيف تركنا أنفسنا نقع في فخ فقدان الثقة والتقاتل؟
كنتُ قد أعددت ورقة للمناسبة، أشارككم بعض ما تناولته فيها:
نتمسك بتحية أجدادنا «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
والسلام اليوم يكاد يكون مفتقدًا، ليس فقط في أرضنا بل في العالم، حيث تأجج الحرب والصراعات, وشبح انهيار الاقتصاد يهدد الجميع. ونسمع صخب التهديد يدوي في أرضنا, بينما القوى الكبرى والصغرى كلها تنفخ عليها؛ فيزيد الاشتعال والالتهاب وقابلية التمدد.
تقبل العرب أن الحكمة تأتي من تراكمات الماضي، وهمشوا استشراف المستقبل، بل قد نتهم من يدعون رؤيته بالتطير وضعف الولاء.
هنا الآن يلتقي نخبة المراقبين الخليجيين المتابعين لما يحدث على أرض منطقة الخليج، وعلاقته بما يحدث خارج المنطقة عربيًّا وإقليميًّا وعالميًّا.
وفي حوارنا كغيرنا من المتابعين والمهتمين نتناول ما كان, وما يستجد من تطورات: فكر الإخوان, تصاعد الطائفية, أو تحركات وحش داعش, أو الحشد الشعبي, أو حرب اليمن, أو تصاعد إنتاج النفط الصخري وسقوط أسعار النفط التقليدي, وخطط تنويع مصادر الدخل. وقد نتناول ما يستجد من كيانات موازية، تقوض السلطة في إيران وتركيا وأفغانستان, بل أوروبا, مع ضغوط تدفق اللاجئين.. مما يمسنا أو لا يمسنا مباشرة. نتحاور حول آخر التطورات في المنطقة، ونعود إلى جذورها، ونتطرق إلى تداعياتها والقادم، ونتساءل: هل سنستطيع التحكم في تداعياتها والسيطرة على نتائجها؟
وإذ نستطرد في التأمل والتحليل لا يسرنا معظم ما نرى. وقد ندخل في أوار الجدل, ونختلف فيمن نلقي اللوم عليه في سوء الحال أو سوء المآل؟ جهة معلومة أو مجهولة؟ قريبة أو بعيدة؟
نتكلم عن موقف الغرب منا ومن تركيا وإيران وإسرائيل, نحلل جاستا والانتخابات الأمريكية القادمة, ونعود بالذاكرة إلى تفجيرات نيويورك, ثم إلى أحداث أسبق فأسبق: القاعدة وصراع القطبين, الأمريكان والروس, في أفغانستان, وتاريخ البعث في العراق وسوريا, وربما نربط ترسيم الحدود مع مصر وجزر تيران والسنافير بتأميم قناة السويس واستلاب فلسطين واختلاق إسرائيل والحرب العالمية وقصص الهولوكوست والنزعة القومية العروبية وتسمية الدولة العثمانية الرجل المريض.
التاريخ مهم، ويفيدنا فهمه كإطار.. والأهم والأكثر مصيرية أن نقرأ المستقبل.
وسأكمل معكم في حوارات قادمة.