ناصر الصِرامي
الأسبوع الماضي كان حافلاً بشبكات التواصل الاجتماعي.. البداية بحلقة نقاش مغلقة عن تأثير هذه الوسائل الحديثة على شبكات ومؤسسات الإعلام الضخمة. منتصف الأسبوع كنت بين نحو 60 متخصصًا بورشة عمل احترافية عن شبكات التواصل الاجتماعي، تجولنا خلالها عبر منصات العالم من البث المباشر، وبرامج إدارة المحتوى الضخمة على شبكات التواصل الاجتماعي للشركات والمؤسسات، والأفراد المؤثرين. وقُدّمت أرقام وإحصائيات هائلة، من شأنها أن تغير الكثير من علاقاتنا، وفهمنا للرأي العام وأدوات التسويق الجديدة، التي تشمل كل شيء تقريبًا.
من القطاعَيْن الحكومي والخاص، وباختلاف التخصصات، من الإعلام والإعلان والدبلوماسية الشعبية والمجال السياحي والصحي، وخدمات الضيافة حتى الأمن وغيرها، حيث حاجة القطاعات كلها للاستفادة من الفرص الجديدة والفعلية، التي تمنحها هذه الوسائل والتطبيقات، كما رسم استراتيجيات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى.
اليوم يعيش أكثر من 7.4 مليار إنسان في العالم، بينهم 3.6 مليار مستخدم فعّال على الشبكة العالمية (الإنترنت)، نسبة نمو سنوية بين 15 - 20 %، منهم نحو 2.7 مليار ناشط على شبكات التواصل الاجتماعي. ولك أن تتخيل أن عدد الهواتف المتحركة والنشطة تصل إلى 4.8 مليار جهاز، ونحو 2.4 مليار مستخدم نشط على شبكات التواصل الاجتماعي عبر الهواتف المتحركة.
في الشرق الأوسط، وبين 242 مليونًا هم عدد سكانه، هناك 298 مليون جهاز خلوي متصل بالإنترنت (أكثر من عدد السكان). أيضًا، منهم نحو 60 مليون ناشط عبر جوالاتهم في شبكات التواصل الاجتماعي!، بنسبة نمو تبلغ 66 % نموًّا. كما يوجد 128 مليون مستخدم فعَّال للإنترنت.
هذه ليست مجرد تحولات، بل انقلابات كلية في صناعة الإعلام والاتصال، وتدفق المعلومات والمشاركة التفاعلية، بل في أسلوب حياتنا وعلاقتنا بالعالم الخارجي الممتد إلى آخر أطراف كوكبنا. لقد أصبحت الشاشات الصغيرة هي منفذنا واتصالاتنا وتواصلنا بالعالم الخارجي، وداخل منازلنا ومكاتبنا!
ولم تعد المواقع الإلكترونية التقليدية (الوب) قادرة على المنافسة دون تطوير نفسها، واللحاق بالتطورات من حولها؛ فالشاشات الكبيرة (أجهزة التلفزيون، والحاسب الشخصي) أصبحت لدى الجيل الجديد مملة، ولا تخضع لمزاجه واختياراته ومرونة وقته، حتى التلفزيون الذكي بما يحمله من تطبيقات مزروعة داخله، بدأ يأخذنا من المحطات التلفزيونية. وشخصيًّا لا أتذكر أنني استخدمت التلفزيون الذكي - smart TV مؤخرًا إلا للدخول للإنترنت ومشاهدة ما أرغب، وفي الوقت الذي أرغب. هنا لك أن تتخيل إلى أين يتجه جيل الآيباد والهواتف الذكية المتصل طوال الوقت!
كنتُ أبحث في سر انقطاع الوسائل التقليدية والخطاب التسويقي التقليدي الخاص، وحتى الحكومي، عن الواقع الجديد؛ فهو لا يأخذ ردود أفعاله بجدية، أو لنقل (فرصة) لتطوير أعماله وتفاعله ورسائله.
إلا أن أحد خبراء شبكات التواصل الاجتماعي في جلسة خاصة باستراتيجيات التواصل في ورشة العمل المتخصصة بشبكات التواصل الاجتماعي للأعمال قطع تفكيري بالحديث عن مثال إيجابي أولاً بشكل كامل عن الحملة التسويقية الاتصالية والخاصة برؤية السعودية 2030، إلا أن المفاجأة غير السارة حين قدم على شاشة العرض الرئيسة الحساب الرسمي على تويتر للرؤية السعودية في 2030.
الحساب لا يتابَع إلا من عدد لا يتجاوز (2). ولم يكن السؤال هنا عن تفاعل الحساب المفقود على أشهر منصة للتواصل الاجتماعي لدى السعوديين (تويتر)، لكن الأسوأ أن آخر تغريدة كانت في 23 - 9، أي قبل نحو أربعين يومًا..!
والحقيقة، إن هناك ما هو أسوأ. هناك سلسلة من الحسابات الرسمية لوزراء ووزارات ومؤسسات وجهات عدة.. تم إنشاء حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، ونُشر خبر في الصحف الورقية للاستهلاك الإعلامي، ثم راحت في سبات عميق!
لكن الإشارة الأعمق هي لرؤيتنا لـ2030، التي يفترض أن تتجه للمستقبل.. وتصل إليه، ولو على تويتر على الأقل!