يوسف المحيميد
قبل أيام أنجزت أمانة العاصمة المقدسة عددًا من الجداريات الحروفية، على جوانب الجسور الخرسانية ذات اللون الرمادي، مما أعطى للشوارع الرئيسة، والتقاطعات بينها، جمالا بسيطا ولافتا، وفي الوقت ذاته غير مكلف، فهو يشبه فن الكتابة على الجدران، أو ما يسمى «الجرافيتي» وهو الفن الذي يعتبر فن تدمير الممتلكات العامة، لكنه يعتبر الآن أحد أهم الفنون المعاصرة، الذي يذهب نحو المتلقي في أماكنه العامة، ولا ينتظر مجيئه إلى الأماكن التقليدية للفنون كالمتاحف وقاعات العروض الفنية!
من هنا يبرز التساؤل المهم، كيف نجعل الموظف، والمعلم، وربة البيت، وسائق الأجرة، والعامل، وغيرهم من عامة الناس، يتذوقون الفنون؟ كيف ندرب حواسهم البصرية ونربيها؟ كيف نجعل من هؤلاء، ممن لا يذهبون للمتاحف وصالات العرض الخاصة، يتذوقون الفن ولو بصورة بسيطة؟ وكيف نوظف هؤلاء الشباب الفنانين الذين يتقنون الرسم والخط على الجدران؟ وفي الوقت ذاته نجعل من مدننا واحات من الجمال والفن، خاصة أن معظم شوارعنا هي عبارة عن كتل خرسانية صماء؟
أعتقد أن طريقة أمانة العاصمة المقدسة ذكية ومميزة، بصناعة أشكال فنية وجمالية في مختلف الشوارع، ولو سارت معظم مدننا الكبرى على حذوها، بتحويل هذه الخرسانة الشاحبة إلى مزيج من الحروف والأشكال اللونية الأخاذة، لحولت وجه المدينة، وغيرت ملامحها، ولعل مدينة كبرى كالعاصمة الرياض أولى هذه المدن التي يجب أن تركز على الجوانب الفنية والجمالية، لوجود عدد كبير من الفنانين فيها من جهة، ومن جهة أخرى لكونها العاصمة التي تستقبل يوميا مختلف الضيوف الرسميين من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى أنها تسعى لاستقطاب السياح من داخل المملكة وخارجها، فلماذا لا تبادر أمانة الرياض بتشكيل لجان مختصة في الفنون والتصميم، وتبدأ بوضع مخططات «اسكتشات» لأشكال جمالية بسيطة ومتميزة، تنفذها على صمت شوارعنا وشحوبها، لعل هذه الشوارع تبتسم في وجوهنا، وتعبر لنا عن وحشتنا، وتخفف من سخطنا وانفعالاتنا اليومية أثناء القيادة.