د. حمزة السالم
نشرت مؤسسة النقد توجيهاتها للبنوك بإعادة «جدولة قروض المتأثرين»، بأسلوب يوهم الناس بأنّ إعادة الجدولة ليس فيها زيادة لمجموع الفوائد المترتبة من القرض.
فأما فقرة 2 فجاء نصها «إعادة جدولة المديونية دون احتساب رسوم إضافية ودون تغيير كلفة الأجل، أي دون تغيير في النسبة المئوية السنوية الثابتة من مبلغ التمويل الممنوح للعميل التي سبق الاتفاق والتوقيع عليها بموجب عقد التمويل».
فأول العبارة الأولى هي التي أوهمت الناس. والمقصود منها الرسوم التي يأخذها البنك مرة واحدة في البداية عند إعادة التمويل. لأنّ إعادة التمويل تحدث غالباً عندما يكون العميل هو من طلب إعادة التمويل خياراً قصداً منه لسعر فائدة أقل، لا مجبراً بالنظام كما هو حال المواطن اليوم بعد إلغاء البدلات.
وأما آخر العبارة الأولى ففيها أمر للبنوك برفع سعر الفائدة على المواطن، ولا شك عندي أنه عدم دقة في القرار من المؤسسة. فنصّ العبارة «ودون تغيير كلفة الأجل» شرحها ما بعدها «أي دون تغيير في النسبة المئوية السنوية الثابتة من مبلغ التمويل الممنوح للعميل التي سبق الاتفاق»، وجملة «النسبة المئوية الثابتة» لها تفسيران، وكلاهما صالح فالباب مفتوح للبنوك للتأويل. فيكون المقصود بها القروض متغيرة الفائدة، التي أسموها بالإجارة والتي تكون مثلاً «سايبر +3%». فـ3% هي المقصودة. فأولاً هنا سيلحق المواطن تضرر من طول المدة لزيادة احتمالية ارتفاع السايبر بزيادة طول المدة. كما يمكن أن تُفسر العبارة على القروض الثابتة للفائدة والتي أسموها مرابحة، والتي لا يكون فيها مؤشر ما كالسايبر.
وفي كلا الحالين فاستخدام جملة «النسبة المئوية» لا تشير إلى مفهوم الفائدة حسب عقود الإيجارة أو المرابحة - المطبقين في البنوك -، بل لهامش المرابحة أو نسبة الإيجارة. والمدخل هنا، أنّ هذه النسبة المئوية بغضّ النظر عما أسموها، هي طريقة حسابية رياضياً لا تنضبط بانضباط طول السنوات أو قصرها. فهي تتغير نزولاً كلما زادت المدة. فمثلاً هامش مرابحة 4% لمدة 20 عاماً تقابله فائدة مقدارها 6.57 % لقرض مدته 20 عاماً، و7.1 % لقرض مدته 10 سنوات و7.4% لقرض مدته 5 سنوات و7.52% لقرض مدته سنتان. فبما أنّ إعادة الجدولة تعني قصر المدة عن أصل مدة القرض، فالبنوك بتثبيت «النسبة المئوية» سترفع سعر الفائدة على المواطن لا محالة، لأن الجزء أقل من الكل.
أما فقرة 4 فهي صريحة بتحميل كلفة إعادة الجدولة على المواطن. ولكن الإيهام الذي سبقه غطى على أفهام الكثير من الناس، فلم يفهموا معناه المنصوص صراحة فقرة، والتي جاء فيها4 «توضيح وشرح إجمالي أرباح القرض للعميل وأي زيادة سيتم احتسابها نتيجةً لزيادة مدة القرض بعد إعادة جدولة القرض، وأخذ موافقته عليها». فزيادة الأجل تأتي حتماً بزيادة الفوائد المتراكبة. فمثلاً مواطن راتبه 10.000 أخذ قرضاً مقداره 100 ألف ريال، لمدة عشر سنوات، سيدفع شهرياً 1012 ريالاً. عند «النسبة المئوية» 2.15 % والتي تعادل فائدة مقدارها 4%. فلو أنّ المواطن في منتصف المدة أي 5 سنوات، وفي حال الالتزام بسعر الفائدة 4%، فسيكون قد دفع فوائد مقدارها 15.722، وباقي عليه 54.975 ريالاً. فإعادة الجدولة عليه، ستطيل مدة السداد المتبقية من 60 شهراً إلى 108 أشهر‘ بدفعة شهرية تبلغ 607 ريالات، أي ينتهي بمجموع فوائد تزيد على عقده السابق بنسبه 22% ، أي بمقدار 4860 ريالاً.
وهذا ما يسمّيه الفقهاء بقلب الدَّين الذي يحكون هم الإجماع على تحريمه وأنه الرِّبا الأعظم، إلا أنه سيُختلق نزاع حوله الآن لو كبرت المسألة، ويُميع بعد ذلك كما هي عادتهم. وإن كنت أعتقد أنّ البنوك أو بعضها قد يتنازل عن هذه الزيادة في حال محدودية الحالة عنده، ويجعلها كلفة يحملها على كلفة الختم ««الشرعي»» لتصديق القروض الذي يأتي للبنك بأرباح عظيمة مطهرة بختم التصديق الشرعي.