د. أحمد الفراج
لو ألقينا نظرة فاحصة على أبرز الأسماء الجمهورية في الساحة الأمريكية، لتبين أن المرشح المثير للجدل، دونالد ترمب، ليس من بينها، فهو لم يكن سياسياً يوماً، ويُعتبر عضو مجلس الشيوخ، جون مكين، هو أبرز شخصية جمهورية حالياً، فعلاوة على أنه سليل بيت عسكري عريق، فهو، ذاته، بطل حرب، إذ شارك في حرب فيتنام، وتم أسره، ولا تزال آثار إصاباته باقية في ذراعه الأيمن، وهو سياسي براغماتي معتدل، وله تجربة سياسية طويلة وثرية، كما يتمتع بفهم عميق لقضايا العالم الخارجي، خصوصاً منطقة الشرق الأوسط الملتهبة دوماً، وهناك الحاكم السابق، ميت رومني، وهو لا يقارن بمكين، ولكن له تجربة لا بأس بها، ولو كان المرشح الجمهوري هذا العام هو جون مكين، لهزم هيلاري كلينتون، ولاستعاد الجمهوريون البيت الأبيض، وعادت لهم أمجاد الرئيسين، رونالد ريجان وبوش الأب، وكذا الحال، إلى حد ما، مع رومني، فهو ليس في مكانة مكين، لكنه أفضل من ترمب بمراحل.
من المفارقات في تاريخ أمريكا السياسي أن الجمهوريين، جون مكين وميت رومني، تمت هزيمتهما من باراك أوباما، في 2008 و 2012 على التوالي، وبالتالي، ومن حسن طالع هيلاري، أنهما لم يترشحا هذا العام، فمكين أصابته حالة إحباط ويأس، بعد هزيمته من أوباما، علاوة على تقدمه في السن، وجدير بالذكر أن الخطأ الجوهري، الذي ارتكبه مكين، وتسبب في هزيمته من أوباما، كان اختياره لحاكمة ولاية ألاسكا، سارة بالين، نائبة له، وسارة كان فهمها في السياسة يشبه فهم شعبان عبد الرحيم عن نظرية النسبية، وقد أصبحت مقولتها: «إنني أفهم عن الوضع في روسيا، لأنني أستطيع أن أرى مدينة موسكو من شرفة منزلي في ألاسكا!!»، أقول: أصبحت مقولتها السابقة من أدبيات المقولات السياسية الساخرة، وقد اقترح بعض مستشاري مكين استبدال هذه السيدة الكارثة قبيل الانتخابات، بعد أن دمرت سمعة مكين، إلا أن الوقت قد كان متأخراً، وخسر مكين في نهاية المطاف، أما رومني، فيبدو أنه نادم على عدم الترشح هذا العام، وإن كان بعض المعلقين ما زال يعتقد أن هذا هو عام ترمب، مهما كانت هوية المرشحين.
كلام المعلقين يبدو منطقياً، فترمب جندل المرشحين الجمهوريين واحداً بعد الآخر، ومنهم الحصان، الذي اعتقد الجمهوريون أنه رابح، جيب بوش، وكريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، والسيناتور المحافظ، تيد كروز، والسيناتور الصاعد، ماركو روبيو، ولكن هؤلاء لا يقارنون بجون مكين، على أي حال، إذ لا أشك لحظة، أن قدم هيلاري لن تطأ المكتب البيضاوي، لو كانت في مواجهة مكين، إذ على الرغم من فضائح ترمب ومصائبه، التي لم يكن الديمقراطيون يحلمون بمعشارها، علاوة على انعدام خبرته السياسية، إلا أن هيلاري لم تضمن الفوز بنسبة مطمئنة بعد، رغم تقدمها في استطلاعات الرأي، وبالتالي لك أن تتخيّل الوضع، فيما لو كانت هيلاري في مواجهة مرشح كبير، مثل جون مكين، أو جيب بوش، الذي سبق لوالده وأخيه أن فازا بالرئاسة، وهو حكم ولاية فلوريدا الهامة لفترتين متتاليتين، وهنا يتضح أن الحظ لعب دوراً كبيراً في تقدم هيلاري، واقتراب حلمها بالرئاسة من التحقق، ومع كل هذه الحظوظ، يصعب الجزم بفوزها من الآن، لأن المفاجآت واردة في أي لحظة، خصوصاً ما يخص تسريبات ويكيليكس، والتي تكشف كل يوم مزيداً من الفضائح عن هيلاري، ومن يدري، فقد يتم تسريب ما يطيح بحظوظ هيلاري، قبيل يوم الانتخابات بأيام، أو حتى ساعات، فلنواصل المتابعة!.