د.عبدالعزيز الجار الله
قراءة الكثافة السكانية وتوزيع السكان في المملكة يساعدنا على الفهم الاقتصادي والإداري والخدمات المقدمة للمناطق، لذا تتراجع عديد من النظريات، وحتى التوجهات العامة في الخطط حيال توزيع المشروعات بالتساوي بين المناطق لمجرد أنها مناطق، لصالح الكثافة السكانية التي تجعل معيار السكان هو أكثر معيار يعتمد عليه في توزيع الميزانيات بين المناطق.
تتركز الكثافة السكانية بالمملكة على منطقتين هما:
منطقة مكة المكرمة تزيد على (7) ملايين نسمة.
منطقة الرياض نحو (7) ملايين نسمة.
أي نصف السكان في ثلاث مدن: الرياض، جدة، مكة المكرمة، أما المنطقة الثالثة في الكثافة السكانية فهي الشرقية بتعداد يصل إلى (4.5) مليون بنسبة (15.1) وبذلك تكون الكثافة السكانية بين محاور المملكة المتعددة، على محور غرب - شرق (الأوسط) وهو محور التنمية التاريخية والحديثة غربًا الديار المقدسة وفي الوسط والشرق النفط والمعادن والغاز، إذن نحو (70) في المائة من سكان المملكة في المناطق الثلاث على محور غرب - شرق.
تقع المدن العشر الكبار في المملكة على نفس المحور غرب - شرق هي: الرياض، جدة، مكة المكرمة، الدمام، الهفوف والمبرز، الطائف. أما ما تبقى من المدن العشر خارج المحور فهي المدينة المنورة وهي امتداد المحور، وتبوك وبريدة وخميس مشيط، ولأهمية التوازن بين المناطق والمحافظات والمدن لا بد من إعادة النظر في المحور شمال - جنوب (الأوسط) ويضم المناطق: نجران، الرياض، القصيم، حائل، الجوف. وتقع عليه عديد من مدن المملكة الكبيرة: نجران، الخماسين، الخرج، الرياض، المجمعة، شقراء الدوادمي، عُنيزة، بريدة، حائل، سكاكا، القريات.
اقتصاديات المدن تتطلب إعادة بناء مدن تاريخية وحديثة بعيدًا عن المصادر النفطية لتنويع الاقتصاد، ومحور شمال - جنوب محور رابط بين مكون الشرق والغرب ويعد العمق الاستراتيجي، إضافة إلى كونه الممر الواسع للحدود الدولية البرية من الشمال والجنوب، يدعم التجارة الدولية والاتصال بدول العالم من غير البحار حيث تحيط بِنَا البحار من الغرب ومعظم الحدود الشرقية، والمنافذ البرية هي الشبكة البرية مع تركيا وأوروبا لتنويع التجارة ومصادر الدخل وخلق فرص عمل في المحور الأوسط الذي كان يعتمد على الزراعة قبل شُح المياه، وكان يعتمد على طرق الحج والتجارة التي تأتي معها سنويًا العمليات التجارية قبل أن تتغير وسائل النقل والاتصال وتقلل من أهمية المدن الداخلية.