حميد بن عوض العنزي
** الظهور الإعلامي المرتبك لبعض كبار المسؤولين قد يكون أحد أسبابه وجود إشكالية لديهم في تحديد الهدف من الظهور الإعلامي، وأسوأ ما في ذلك عندما يحصر المسؤول ظهوره في زاوية التبرير فقط؛ فتجده طوال المشهد رافعًا سيف التبرير، وهو بذلك وضع نفسه في موقف المتهم دون أن يعلم؛ الأمر الذي يقوده إلى الاندفاع لقول ما قد يتجاوز الواقع أو حقيقة المعلومة التي يريد أن يقنع المتلقي بها، وهذا النوع من الظهور التبريري المتعالي كان سائدًا في العقود الماضية عندما كانت الرسالة الإعلامية باتجاه واحد من المرسل إلى المتلقي، وافتقادها «لرجع الصدى»، وهو أحد أهم عناصر الاتصال الإيجابي؛ لأنه يتيح للمتلقي الرد تجاه مضمون الرسالة؛ فكان الناس يشاهدون على القنوات مسؤولين يقولون ما لا يفعلون، ويبالغون بتضخيم إنجازاتهم، ولم يكن أمام المتلقي إلا الاستماع فقط. ورغم اندثار تلك الحقبة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن بعض المسؤولين لا يزال غير مستوعب لحجم التغيير الحاصل، وارتفاع سقف النقد الذي وفرته وسائل التواصل، ودون أي قيود.
** المسؤول الحصيف هو الذي يظهر بشكل متوازن، يحترم عقلية المتلقي، وفي الوقت نفسه لا يحاول استقطاب تعاطف الناس وشعبيتهم بالمبالغات، سواء مدحًا أو انتقادًا، وعليه أن يأخذ في الاعتبار أن كثيرًا من الناس اليوم ليسوا أقل فهمًا ولا تميزًا ولا خبرة عن كثير من المسؤولين؛ فعندما يقول المسؤول معلومة فعليه أن يتأكد من صحتها قبل أن يظهر، وإلا كانت سقطة تشوه ظهوره الإعلامي مهما كان جيدًا.
** المسؤول لا يجب أن تكون مهمته الظهور لتبرير أمر أو قرار ما فقط، بل عليه أن يكون على قدر من المسؤولية في تبصير الناس بما يخصهم مما هو تحت مسؤوليته من دراسات أو توجهات مستقبلية. ولعل من الأفضل ونحن نسير في ركب الرؤية أن يكون هناك مؤتمر صحفي لكل وزارة، وبشكل دوري، يلزم بحضوره الوزير وجميع أركان وزارته، وأن تفتح الأسئلة للإعلام بكل حرية، وأن تنقل هذه المؤتمرات على الهواء مباشرة على القنوات المحلية؛ لنعطي مساحة من الحرية؛ لكي نبني للمستقبل، ويكون لدينا مسؤولون على قدر من الإيجابية وتحمُّل النقد؛ لنصل إلى 2030 وقد خلقنا صورة ذهنية إيجابية لمناخ النقد البنّاء، وأن يستوعب كذلك أي مسؤول أن إقناع الناس يكون بالمنطق والحقائق، وليس مجرد الدفاع والتبرير ومحاولة القفز على وعي الآخرين.