جاسر عبدالعزيز الجاسر
تنظيم داعش الإرهابي الذي يوشك أن يقضى عليه بعد أن بدأت عملية تصفيته في الموصل والإعداد للتخلص منه في الرقة.
هذا التنظيم لم يكن نباتاً شيطانياً ظهر فجأة، بل تم إطلاقه نتيجة احتضان جراثيمه في مكائن وحضانات يعرفها الجميع، وتركزت في سجون ومعتقلات العراق وسوريا، ومراكز إعداد الإرهابيين في إيران، فقادة داعش جميعاً هم خريجو سجني العقرب وأبوغريب العراقيين وصيدنايا في سوريا، وتولت إيران تدريب القيادات الفكرية والتنظيمية لهذا التنظيم، ومع أن هذه المعلومات معروفة للجميع إلا أنه تم تغييب هذه الحقائق التي أعادتها للتداول وللذاكرة النتائج التي تحققت بعد مساعدة داعش على السيطرة على أكثر من ثلث مساحة العراق وعلى بادية شمال سوريا، فبالإضافة إلى المساعدة في بناء بيئة حاضنة لهذا التنظيم وتقديمه على أنه مدافع عن مكون مذهبي محدد تعرض إلى الإقصاء والتهميش قامت الجهات التي عملت على تنمية وتوسيع البيئة الطائفية على تعظيم شأن هذا التنظيم الإرهابي، من خلال العديد من التواطؤات ومساعدة عناصره على السيطرة والتمدد، بداية بغض النظر عن وصول العناصر الأجنبية التي تقاتل ضمن صفوف التنظيم التي تنوعت بمشاركة جنسيات إفريقية وفي وسط آسيا حتى من داخل روسيا، إضافة إلى تسهيل نظام بشار الأسد مرور الإرهابيين العرب الذين غادروا بلدانهم دون علم سلطات تلك البلدان بل وحتى أسرهم، وبعد أن تم تعظيم القوة القتالية لهذا التنظيم الذي حصل على الأسلحة ممن أنشؤوه وأطلقوه تخاذلت حكومتا بغداد في عهد نوري المالكي وسوريا برئاسة بشار الأسد، وسمح لهذا التنظيم بالاستيلاء على أربع محافظات «الأنبار وديالى وصلاح الدين والموصل» وأجزاء من محافظة كركوك، إضافة إلى الاستيلاء على محافظات بادية وشمال سوريا، والملاحظ أن جميع الأراضي التي استولى عليها تنظيم داعش الإرهابي يشكل العرب السنة الأغلبية فيها إن لم تكن مقتصرة عليهم، وبعد إقامة داعش لدولته المزعومة والتي جذبت العديد من المتطرفين وضعت الخطط أولاً للتخلص من هؤلاء الذين جلبوا البلاء للمكون العربي السني ولبلدانهم، وثانياً للاستيلاء على مناطقهم ومحافظاتهم، استيلاء كاملاً مثلما حصل في بعض الأقضية في ديالى وكركوك والموصل، أو لفرض وجود قوي لمكون طائفي في مدن عربية سنية خالصة كسامراء والفلوجة والرطبة.
وقد تقاسم من وضعوا في مقدمة المتصدين لداعش مكاسب الاستيلاء على المناطق العربية السنية، فجلبوا من أسكنوهم في هذه المناطق من جنوب ووسط العراق وحتى من إيران بعد أن هجروا أهل الفلوجة والدور ومدن وقرى ديالى، والآن يتم قتل وتهجير أبناء الرطبة والمدن المحاذية للموصل، فيما تكفل الأكراد بطرد وتهجير العرب من المدن العربية والتي كان الأكراد يشاركونهم في تلك المدن، ويتعرض العرب في كركوك والحويجة إلى عملية تهجير قسري، وكذلك القرى والمدن التي جرى تخليصها في محافظة نينوى يتعرضون لعملية تطهير تتم وفق مخطط تم بحثه ودراسته مع جنرال الإرهاب الإيراني قاسم سليماني، الذي يقضي أوقاتاً في أربيل ويضطر أن يبيت في عاصمة إقليم كردستان لتقاسم الأرض العربية السنية والنفوذ فيها مع الأكراد، والذين قبلوا أن يكونوا السندان المواجه لمطرقة الصفويين الموجهين من قبل ملالي إيران.