د. صالح بن سعد اللحيدان
تنهض الدولة - أي دولة - على ركيزة الأمن المحيط السائر على وتيرة الشفافية والنزوع إلى تمام إحقاق النظر مع ضبط الدهاء وسعة البال وسياسة التجربة وحنكة القطع في الأمور. هذه الحالات هي أعمدة في الدولة، تقود إلى الوصول إلى أساسيات ترسيخ الأمن فيها بناهض من القوة الدائمة المحاطة بضرورة المتابعة لعدم حصول الفهم الخطأ لكل قول أو لكل فعل يكون.
ولاسيما أن الأمن مثله مثل القضاء، يتصف بالحساسية، فما لم تضبط هذه الحساسية بما سلف فقد يحصل العكس مما يراد من الأمن، خاصة أن الإنسان ضعيف، قد يكيد لقريبه أو يمكر به أو جاره أو زميله أو معلمه. ولعل تشابه الحالات بما يؤخذ من صوره عن هذا أو ذاك يزيد معدل الشك، ولاسيما عند تكرار عفوية الأشياء.
والقريب إذا كان قويًّا أو داهية وذا حياة نفعية قد يضر الآخر ضررًا بالغًا بدقة متناهية من الكيد العريض، خاصة إذا سُئل أو تمت استشارته.
وأصل إصلاح الأمن - وهو القاعدة الأولى - هو أصل سلامة الدولة من الداخل بنسبة عالية، وفي الخارج بنسبة متقاربة.
والإصلاح هنا - وكما أكرر دائمًا - قدرة وموهبة زائدة على حد الذكاء، وقوة الاستنباط وحرارة النزاهة.
والإصلاح يعني بالضرورة قوة دين وعقل وموهبة وتجربة وصدقًا مع النفس وصدقًا وولاء دائمًا لولي الأمر بما يكفل - بإذن الله سلامة - القاعدة، وهي الأمن، وسلامة الفرع الذي هو النتيجة الظاهرة سواء بسواء.
ولا يحسن هنا قطعًا التساهل إذا برهنت الأدلة المادية التي لا تقبل شكًّا أن يتم التساهل حتى مع أقرب الأقربين وأحب المحبين؛ فإن ذلك يقود جزمًا إلى تسلسل الوهن الذي قد ينخر في عضد الدولة دون التنبه إليه.
ولهذا قال عمر في سياسة بناء عنصر الرجال والأخذ بالحيطة وشدة النباهة (لست بالخب، ولا الخب يخدعني).
وقد جاء في الصحيح في سياسة بناء الذات وتقوية الإيمان وعظمة الحذر من تكرار الخطأ (لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين).
وأعود على غرار ما سبق من مفردات هذا المعجم المهم فأقول:
أولاً: الأمن، مصدر أمن بكسر الميم.
يراد بذلك أمن: اطمأن واستقر باله.
ثانيًا: الأمن، جهة ثانية عدم الخوف مما يخاف منه عادة.
ثالثًا: الأمن، وهو كذلك استقرار الأمر وسيادة العدل، فلا يكون ثمة خوف على مال أو عِرض أو نفس أو عقل أو دين.
ربعًا: الأمن وهو هنا نوعان:
1- أمن ظاهر خشية العقوبة
2- أمن ظاهر وباطن، وذلكم هو الخوف والخشية معًا.
خامسًا: وأمنه، اطمأن إليه بكسر الميم.
سادسًا: أمّنه بتشديد الميم أعطاه الأمان والعهد.
سابعًا: وأمنهم بكسر الميم وتشديدها على ما سبق.
ثامنًا: وآمنة، بمد الألف علم على امرأة.
تاسعًا: وأمان، طمأنينة وراحة بال.
وعاشرًا: وآمين، اسم فعل يراد بذلك استجب.