علي الخزيم
الصورة تكررت أمامي وأنا أزور مستشفى قوى الأمن الداخلي بالرياض، إذ لفت انتباهي عدد من المرضى وكبار السن وممن تعرضوا لحوادث ألزمتهم الكراسي المتحركة، شفاهم الله، وقد أحسنت إدارة المستشفى بأن خصصت غرفة مناسبة في بداية مدخل الزوار كتب على بابها لوحات إرشادية تشير إليها (الكراسي المتحركة) ليستفيد منها المريض والزائر المحتاج لها، كما أنه من الممكن طلب المساعدة من علاقات المرضى في هذا الشأن وغيره، لم أكن أريد الحديث عن المستشفى غير أن سروري بما شاهدت هناك دفعني لأقول: لقد شاهدت ولمست بهذا المستشفى ما يسر الخاطر، كل ما فيها يشعرك بأنك في عالم الكتروني، ويكفي أن القائمين على المستشفى وكافة العاملين يبذلون جهدهم ويسعون لمزيد من التطوير والتحديث، ومن المتابعة عرفت أنه يكفي المريض أو المراجع أن يحفظ رقم ملفه، ثم الولوج لكافة الخدمات المتاحة له الكترونياً، وإن حمل أوراقاً من قسم لآخر فهي مؤقتة لأن على شاشة الحاسب ما يغني عنها، أما عن الأدوية كمّاً ونوعاً فحدث ولا حرج، فالسخاء واضح من متابعتك لنوافذ صرف الدواء بصيدليات المستشفى، لن تكفيكم السطور فشكرا للإدارة والعاملين ومن خلفهم قيادات مخلصة بوزارة الداخلية (الوزارة الالكترونية).
أعود لمشهد المواطن المسن الذي يتولى رعايته ويدفع عربته الوافد الآسيوي، سنتذكر خدمة الأبناء للآباء، وهل كل رجل مسن لديه أبناء، وهل الأبناء حوله في بلده، وإن كانوا كذلك فهل ظروفهم تسمح لهم بخدمة الآباء؟ لذلك هل يمكن إنشاء مؤسسات للخدمة والرعاية الاجتماعية لتوفير الأيدي والكوادر المؤهلة ممن يرعون ويخدمون المحتاج لمثل هذه الخدمات (أثناء انشغالنا عنهم فقط) بمقابل يحدده نظامها، شهري أو أسبوعي، أو حسب نوع ومدة الخدمة، سيجدون كثيراً من الزبائن والعملاء، وسيجد الأبناء فيها متنفساً ورفعاً للحرج عن تقصيرهم مع آبائهم أو من تحت ولايتهم من مرضى ومحتاجين للرعاية من أسرهم ومن تحت مسئوليتهم، ثم إن هذه المؤسسات الخدمية ستعفيهم من كثرة الاستئذان والتأخر عن العمل أو الغياب من أجل رعاية الآباء والمحتاجين لخدمتهم من أسرهم.
لا أجد غضاضة في ذلك، فظروف الزمن والحياة تتغير وتتطور، ولا يمكن أن نركن دائماً إلى اعتبارات وأعراف أسرية اجتماعية كانت سائدة، (ولا زالت جميلة محببة ونفضلها)، غير أن واقع الحال يفرض التمشي والتماهي معها، ليس تهرباً من الالتزام لمن نرعاهم، لكنها مسايرة للمتغيرات الحياتية الاجتماعية، وهي بإذن الله لا تنافي البر والصلة مع الوالدين والأهل والأبناء ممن لهم علينا حق الرعاية، هذا لا يندرج ضمن الإهمال والتقصير، بل إنه مزيد من الاهتمام حينما يتولى الأمر جهة متخصصة يوثق بها مقابل أجر محدد مُجْزٍ، ثم نتفرغ لأعمالنا ومصالحنا في سكينة وطمأنينة من جانبين؛ طمأنينة على خدمتهم وطمأنينة على التفاني في أعمالنا والإخلاص لها كما أخلصنا وصدقنا النية مع من هم بحاجة لرعايتنا، بدلاً من تركهم بأيدي عمالة قد لا تكون مؤهلة وتفتقد للأمانة والمصداقية وحسن السلوك.