د. عبدالرحمن الشلاش
بين المُرسل والمُستقبل في عالم الاتصال الجماهيري رسالة وقنوات لنقل الرسالة. اليوم تغيرت قنوات النقل بصورة جذرية عن الماضي بظهور مواقع التواصل الأكثر سرعة والأقدر على النشر لأكبر شريحة من البشر في ثوانٍ معدودة يصبح الخبر من الماضي البعيد.
وتغيرت نوعية المستقبلين من أفراد جامدين متلقين فقط يهزون رؤوسهم إلى فاعلين يردون ويعلقون ويعبّرون دون أن تكون أمامهم أي عوائق. كل فرد يحمل في جيبه وسيلته الإعلامية المتنقلة فجواله مزود بكاميرا وجهاز تسجيل وأستديو متكامل لحفظ المقاطع والصور، وتطبيقات للكتابة والنسخ والحفظ، ومواقع تواصل متعددة له حرية اختيار ما يرغب منها وإنشاء حسابات يتواصل عن طريقها بمن يريد. يستطيع تصوير أي مقطع ويبثه في أجزاء من الثانية، ويسجل أو يصور الرد على المسئول ويكتب التعليقات على حديثه أو تصريحه. إذا لم تتغير لغة ولهجة المُرسل وهو عادة المسئول وتكون رسالته مراعية لكل المتغيرات الهائلة التي ذكرت فسيضع نفسه بكل تأكيد في موقف حرج لا يُحسد عليه، ولعلنا ما زلنا نتذكّر بعض التصريحات غير المقبولة في أوقات سابقة وما أدت إليه من ردود فعل واسعة استدعت محاسبة فورية من الحكومة وصلت إلى حد الإعفاء.
ظهور المسئول أو تواجده في أي مناسبة عامة يتطلب منه الحرص الشديد فقد تغير الحال، وبدلاً من أن يتبعه بضعة إعلاميين سيجد نفسه محاطاً بالمئات وربما الآلاف كلهم يتمنى أن يحظى بلقطة فريدة يسبق بها الجميع، أو عبارة ينطق بها المسئول بعفوية قد تفسر بتفسيرات كثيرة لكنها لن تفوت المتابعين فهم يبحثون عن أي شيء يدعم حساباتهم.
أحاديث المسئولين أو تصريحاتهم أو مؤتمراتهم أصبحت لا تجري في صالة مغلقة، وإنما عبر الفضاء في بث مباشر يصل لملايين المشاهدين، ومن يفوته البث المباشر يلحق على الإعادات أو اليوتيوب، أو مقاطع الواتس وتويتر والفيس بوك، وهذا ما يجعل حديث المسؤول تحت المراقبة الشديدة وردود الفعل الكثيرة.