الرياض - خاص بـ«الجزيرة»
أكدت دراسة بحثية أن وسائل الإعلام تلعب دوراً مسانداً في عملية «استهجان» تعدد الزوجات وأنه نظام غير مناسب للعصر حسب بعض الأطروحات الليبرالية، على الرغم من أنه يستند إلى قاعدة شرعية قابلة للاجتهادات.
وأوضحت الدراسة المعنونة بـ»تعدد الزوجات في المجتمع السعودي مقاربة سوسيولوجية وبعض الفرضيات» في خلاصتها والتي قام بها الدكتور خالد بن عمر الرديعان أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض، أن تعدد الزوجات أصبح يواجه صعوبات تحد من ممارسته ومنها صعوبات اقتصادية وخاصة في المدن والبيئات الحضرية حيث صعوبة جمع الزوجات في مسكن مشترك، كما أن من الصعوبات الاجتماعية التي تواجه التعدد زيادة الوعي النسائي بحقوق المرأة في قضايا أصبحت تتقاطع مع بعض النصوص الشرعية التي تمس النظام الزواجي برمته، دون أن يكون هناك حدود واضحة بين ما يمكن قبوله أو رفضه من تلك الحقوق.
غياب الإحصاءات
وأكد الدكتور خالد بن عمر الرديعان وهو أحد المعددين في الزواج أن قضية تعدد الزوجات وتبعاتها في المجتمع السعودي تظل بحاجة إلى بحث للتأكد من مدى صحتها وقبولها وهو ما لم يتم إلا من خلال دراسات ميدانية تسندها إحصاءات حديثة حيث إن عدم توفر دراسات كافية وغياب الإحصاءات حول تعدد الزوجات حتم اللجوء إلى مصادر ثانوية في مقاربة الموضوع، مشيراً إلى إحدى الفرضيات التي تتعلق ببروز بدائل مستحدثة من تعدد الزوجات التقليدي، كزواج المسيار الذي ربما كان تعبيراً مباشراً عن صعوبة تعدد الزوجات، ومن ثم الالتفاف على التعدد بصيغة أكثر مرونة للجنسين كما هو الحال عليه في زواج المسيار، كما أن الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الجنسين في الزواج التقليدي، وتبدل بعض القيم قد فرض أنماطاً سلوكية غير مألوفة إلا أنها وبمرور الوقت قد تصبح خيارات مقبولة ومنها زواج المسيار، فضلاً عن ذلك فإن تزايد حالات الهجر، وارتفاع حالات الطلاق، وتأخر سن الزواج عند الجنسين تعد مؤشرات ذات علاقة بتعدد الزوجات وهي مؤشرات يجب عدم إغفالها لأنها تمس بناء الأسرة، مما يعني أن الزواج كقيمة ووظيفة اجتماعية لم يعد كما كان في السابق، مما يشير إلى وجود خلل علائقي في بناء الأسرة.
وطرحت الدراسة البحثية فرضية أخرى تشير إلى أن ممارسة التعدد إنما هي آلية ربما لجأ إليها بعض الأزواج لتفادي طلاق الزوجة الأولى التي أنجبت عددا من الأبناء، وعادة فإن الاقتران بزوجة ثانية يتم عندما تصبح العلاقة الزوجية غير مستقرة بحيث يصبح التعدد «أهون الضررين»، كأن يكون أقل ضرراً من طلاق الزوجة الأولى رغم تكلفته الاجتماعية والنفسية والأسرية التي يدفعها الرجل والمرأة على حد سواء.
شواهد تاريخية
وقال د. خالد الرديعان إن تعدد الزوجات ليس مما تنفرد به الشريعة الإسلامية، فالشواهد التاريخية تثبت قدمه لأن بعض المجتمعات غير الإسلامية مارسته، بل إن بعضها أسرف في ذلك وجعل من تعدد الزوجات وسيلة للمباهاة واستعراض الفحولة وزيادة النسل، وحديثاً فإن هناك من يمارسه من غير المسلمين كذلك، سواء في بعض المجتمعات التقليدية في أفريقيا، أو في بعض الدول المتقدمة، كجماعة المورمون المسيحية في الولايات المتحدة التي تبيح تعاليمها اقتران الرجل بأكثر من زوجة في وقت واحد. وفي المجتمع العربي فإن تعدد الزوجات كان شائعاً قبل الإسلام ؛ فقد كان الرجل في الجاهلي