فيصل خالد الخديدي
يتكئ المنجز التشكيلي عادة على عدة مجالات منها الفكرية والجمالية والوجدانية، إضافة الى المجالات التقنية والعلاقات الفنية، ومتى تكاملت المجالات في العمل الفني وتوازنت أصبح المنجز أكثر نجاحاً وقبولاً وتميزاً، ويتمايز التشكيليون في طرحهم لمواضيع أعمالهم وأفكار مشاريعهم الفنية على حسب محمولهم الثقافي والمعرفي، وعلى حسب تفاعلهم مع محيطهم ومستوى إحساسهم بمكامن الجمال والإلهام فيما حولهم، وتتباين منابع الالهام للتشكيليين في أعمالهم وتتنوع، فمنهم من تكون أعمالهم مستوحاة من البيئة المحيطة بتراثها وطبيعتها وعمارتها وطبائع البشر وفنونهم وأزيائهم وتقاليدهم ويعيشون بفنهم في هذه الاجواء، ولها باحثون عن الجماليات والحسن الظاهر, ومنهم من يستمد مصادر إلهام أعماله وفنه من قضايا الانسانية وهمومها وأفراحها فتجده مسكوناً بقضايا الإنسان ومعاناته ومحملاً أعماله بوجدانيات وعاطفة جياشة تنبض بكثير من الابداع الذي يلامس الاحساس والوجدان قبل الأعين.
وهناك أيضاً من كان إلهام أعمالهم أكثر غزارة وانفتاحاً فمعينهم الذي لاينضب ولايقل هو حرصهم على سعة الاطلاع وتنوع القراءة والمشاهدة فتنميتهم المستدامة لملكاتهم الفكرية تكفل لهم تنوعا وغزارة مصادر إلهام أعمالهم وشريحة أخرى من التشكيليين للأسف لجأت للحلول الجاهزة ولم تجتهد في التفكير ولا البحث عن مشروعهم الفني أوالفكري أو تطوير ذواتهم وفكرهم ولا حتى تلمس الجمال فيما هو متاح من حسن محيط بهم وببيئتهم, فجعلت هذه الشريحة مصادر الهام أعمالهم من التجارب السابقة للتشكيليين والمبدعين الذين سبقوهم، أو حتى جايلوهم فظهرت أعمالهم كأنها إعادة تدوير لمن سبقهم من التشكيليين أو مستنسخات لا تلامس إبداع الأصل ولاتقترب منه وغدت كنباتات زينة بلاستيكية لا حياة فيها ولارائحة...
ومهما اختلفت مصادر إلهام الفنان في أعماله سواء فكرية أو شكلية أو حتى وجدانية تبقى مصداقية الفنان وحساسيته العالية فيما يقدم ويستلهم هي المعيار في صفاء منابع الهامه وجودتها وهو ما ينعكس على مخرجاته ومنجزاته؛ فالعمل الأصيل النابع من داخل الفنان هو ما يصل ويبقى حتى لو حضرت المؤثرات الخارجية فإن اعادة صياغة الفنان لهذه المؤثرات بما يتوافق مع رؤيته وفكره ورسالته هي من معايير تميز وإتقان التشكيلي وتجويده لمخرجه الإبداعي.