لم تكن كلمة معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى ـ وفقه الله ـ في كلمته التوجيهية مجرد كلمة بروتوكولية مثل مئات الكلمات التي يفسح فيها وزراء التعليم عن مشاعرهم في دول العالم في بدء الأعوام الدراسية، لكن كانت كلمة حملت رسائل جوهرية وبرنامجاً تعليمياً وضع فيه وزير التعليم مرتكزات أماني وزارته المستقبلية اتجاه تعليم وطنه، ورسمَ فيها المرجعية المأمونة والمشتركة والناشرة الاطمئنان بما لها من دوافع ونوازع ومؤثرات وشجون وآلام سكنتْ النفوس والعقول، وظروف هذا شأنها، أنْ يفتح عينيه على مرحلة جديدة، جدير بالتعليميين يقظتهم جميعاً، وجهودهم للتنوير والتبصير والتنبيه والتحذير. حيث قال: "أدعوا نفسي وإياكم إلى أن نعاهد أنفسنا ووطننا أن عامنا الدراسي الجديد انطلاقة جادة بهمة عالية نحو الإبداع والتميز والنجاح، وأن نسعى بكل جهد إلى أن تكون فصولنا الدراسية وقاعاتنا الجامعية نموذجاً للعطاء، والأداء التعليمي المتوافق مع أعلى معايير الجودة العالمية، القادر على تخريج أجيال متسلحة بسلاح العقيدة الإسلامية الصافية، والقيم والمبادئ العليا القويمة، أجيال قادرة على مواجهة تحديات العصر بما تملكه من معارف ومهارات وقدرات، أجيال تمتلك وسائل الدفاع ضد ما يغزوها من أفكار هدامة واتجاهات مضللة ومنحرفة، بما ترسخ لديها من قدرات على الحوار والتفكير الناقد، أجيال تمتلك مهارات البحث العلمي الجاد، يقودها الشغف والنهم اللامحدود إلى العلم والمعرفة".
وشكَّلت الروابط بين التعليم وقيادة هذا الوطن الراشد على الدوام أساس الاهتمام والمتابعة والعناية منذ مؤسس هذا الوطن الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ وحتى عصرنا الحاضر، تقوم على مبدأ تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه وتلبية لحاجات المجتمع وتحقيقاً لأهداف الأمة التي تشمل حقول التعليم ومراحله المختلفة، والخطط والمناهج والوسائل التربوية والنظم الإدارية والأجهزة القائمة على التعليم وسائر ما يتصل به؛ لذا فقد كانت كلمة معالي وزير التعليم العيسى بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد 1437- 1438هـ كلها فخرا وحبورا بهذا التوجّه المكوِّن للتطور المستقبلي المنشود، فقال: "إن الاستثمار في العنصر البشري هو الاستثمار الأمثل المضمون العوائد، وعلى سواعده يبنى نهضة الأمم وحضارتها، وقد بذلت وزارة التعليم جل جهدها ووفرت كل الإمكانات، بدعم سخي من حكومة خادم الحرمين الشريفين، ولم تتوقف مشروعات التطوير والتحديث في الكوادر البشرية من معلمين ومعلمات وأعضاء هيئة التدريس، وفي المناهج والمقررات والمباني والتجهيزات، وكل ما يلزم لتكون مدارسنا وجامعاتنا على المستوى اللائق بها، وفق معايير جودة التعليم العالمية والوصول إلى أفضل المخرجات وهو سعي حثيث إلى الكمال".
مع تأكيد الوزير العيسى بالآمال والأماني في هذا الشأن بأنها عريضة وهي ليست مجرد تهويمات أو شطحات خيال لأن الوقائع على الأرض تؤكد وجود إمكانات وقدرات يجب استغلالها في ظل الرؤية السعودية 2030، فقال: " إن بلادنا تستشرف اليوم مستقبلاً أزهى وأعظم للأجيال، بعد أن رسمت لذلك المستقبل رؤية 2030 الخلاقة، ودعمها برنامج التحول الوطني والبرامج التنفيذية الأخرى، سعياً لإطلاق الطاقات الواعدة من خلال اقتصاد متنوع ومزدهر، لتؤكد على أن التعليم هو السلاح الفعال والسبيل الأقوى لتحقيق هذه الرؤية الطموحة".
نقاط كبيرة وهامة أضاءتها كلمة وزير التعليم، أعطتْ للبداية وخيوطها الدقيقة رؤية خاصة.. تتجاوز الصورة والإطار إلى الجزئيات الدقيقة التي تكوّن الصورة الكبيرة وإطارها.
ولا يحتاج الطالب في المدرسة أوالجامعة الذي عرف قائده إلى مزيد من الوقت ليعرف كيف يفكر؟!.. أوكيف يتمنى؟!.. فجاءت توجيهاته على هذا القدر الكبير من الحب والحرص على تحقيق الأهداف والتسامي للمسات الإيجابية لصناعة الحاضر والمستقبل وصيانة المنجزات التي قامتْ على هذه الأرض الطاهرة الأبية التي تأخذ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم شرعة ومنهاجاً. ليكون لها الاسم الذي يتفاخر به دوماً أبناؤها في مختلف أرجاء المعمورة، فقال مخاطباً أبناءه الطلاب (وهو الحريص على مصلحة هذا الوطن وأبنائه الطلاب): " من أجلكم وضعت كل تلك الإمكانيات، وعليكم تعقد الآمال بعد الله، وبكم سيكون وطننا غداً أجمل وأقوى، فكونوا كما عهدناكم عنواناً للجد والاجتهاد، وجددوا أهدافكم، وتسلحوا بالهمم العالية، طموح لا محدود، وإرادة لا تقهر، وثقوا أن دولتكم ووزارتكم وأساتذتكم لن يدخروا جهداً في سبيل نجاحكم وتميزكم، فاستثمروا كل ذلك لتكونوا في المراكز الأولى بين الأمم".
ومُضِيَّاً في المشاعر التي يحملها الدكتور العيسى اتجاه التعليم ومنسوبيه لم تكن ـ فقط ـ كلمات جاءت على لسانه، بل تجسّدت في مواقف عملية من خلال زيارته لعدد من مدارس العاصمة الرياض صباح يوم الأحد، ومشاركته في تسليم الكتب والهدايا للطلاب، ومشاركته أيضاً في البرنامج الاحتفائي الذي أقامه مجمع الأمير سلطان التعليمي بالرياض، ضمن الأسبوع التمهيدي لطلاب الصف الأول الابتدائي برفقة وكيل وزارة التعليم الدكتور عبدالرحمن بن محمد البراك ومدير عام تعليم الرياض الأستاذ محمد ين عبدالله المرشد.
وسعدتُ كثيراً بتفاعل وتعاون وزارة التعليم الذي يصب في خدمة المصلحة الوطنية ويعزِّز من دورها في تناول كل ما من شأنه أنْ يخدم التوجهات ويقلِّص جوانب القصور المتمثل في نيّتها نهاية هذا الأسبوع إعلان تقريرها المفصل عن بداية العام الدراسي وأهم الإيجابيات والملحوظات وما تمّ بشأنها، وتجيب من خلاله عن أسئلة الإعلاميين.
ومع المنجزات التي اكتسبتها الوزارة خلال فترة تولي الوزير العيسى عشرة الأشهر الماضية التي شملت مبنى وزارته الجديد ومبادرة تدريب ألف معلم سنوياً وحركة نقل المعلمين والمدارس المستقلة وقسائم التعليم ومشروع تأجير الأراضي للمستثمرين في القطاع الأهلي وغيرها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ـ وفقهم الله ـ فإنَّ هذا الوطن ماضٍ في طريقه ـ بمشيئة الله تعالى ـ بخطى واثقة نحو أمنية عاهل هذا الوطن الملك سلمان ـ أيده الله ـ في: " تطوير التعليم لتحقيق مجتمع المعرفة واستثمار أفضل للإنسان " بمناحي ابتهال وزير التعليم العيسى: "والله أسأل أن يبارك في الجهود ويسدد الخطى وأن يثيب كل من أعان بفعل محمود أو كلمة طيبة. (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)".