ماجدة السويِّح
في مدينة كيرياس جويل (Kiryas Joel) التابعة لمدينة نيويورك تقبع النساء في المقعد الخلفي للسيارة، حيث يحظر على النساء قيادة السيارة حسب التعاليم اليهودية لتلك المدينة. المفارقة أن المرأة الأمريكية التي ناضلت لعقود لأخذ حقوقها كاملة، ما زالت فئة منها تعاني من سلب حقها في القيادة في بلد الحرية أمريكا.
تقول فرميت غولدبرغر إن المرأة حسب التقاليد الحسيدية اليهودية ممنوعة من قيادة السيارة، وقد تسجن في حال حاولت القيادة، بالإضافة إلى تعرضها للنبذ المجتمعي، وطرد أولادها من المدرسة في حال غامرت بالحصول على حريتها في التنقل. وتضيف أن المشكلة تكمن في خوف الرجل من فقدان السيطرة فيما لو منح المرأة حقها في التنقل، لذا مازالت تقبع النساء في المقعد الخلفي إرضاء للمجتمع القمعي. السيدة غولدبرغر اختارت الرحيل لمدينة أخرى مع زوجها وأبنائها لتنال حقوقها بعيدا عن مجتمعها الذي نشأت فيه.
تناقلت الصحافة الأمريكية قصة السيدة غولدبرغر بعد نشرها على الفيس بوك ومدونة عن حياتها السابقة، حيث عنونت قصتها بعنوان «أنها ليست السعودية: في مدينة بنيويورك حيث لا يسمح للنساء بالقيادة». العديد من الشعب الأمريكي قد يجهل هذه المدينة، ويجهل هذه الحقيقة لأنها مغيبة وبعيدة عن الاهتمام الإعلامي، الذي يفضل أن يزج باسم السعودية في كل حديث عن الحقوق خصوصا حقوق المرأة لتنفيذ أجندات سياسية في المقام الأول كما تقوم بذلك صحيفة النيويورك تايمز بين الفينة والأخرى، وترسيخ للصورة النمطية التي ساهمت في تكوينها مع ما ننشره بغزارة في وسائل التواصل الاجتماعي عن الجانب المظلم في حياة المرأة السعودية، مع تهميش للجوانب الأخرى.
صحيفة النيويورك تايمز أفردت الجمعة الماضية موضوعا عن التغيير في حياة المرأة السعودية، ونشرت المحتوى لأول مرة باللغة العربية إلى جانب الانجليزية، للوصول لأكبر عدد من المشاركات من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية، للمشاركة بآرائهم وتطلعاتهم فيما يخص التغيير في المجتمع السعودي كتابيا أو من خلال تقديم فيديو عن التغيير.
الفيلم الوثائقي المعد من قبل الصحفية منى النجار يحمل بين ثناياه أن التغيير طفيف لا يرقي للمعلن في مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات البلدية، بحسب وجهة نظر الصحفية التي غطت التجربة النسائية الأولى في المشاركة السياسية.
بعض المغردين الذين ساءهم التدخل في المجتمع السعودي لصحيفة النيويورك تايمز قاموا بإطلاق وسم باللغة العربية #جرايم_امريكا_ضد_المراة
ليقدموا رسالة هجومية باللغة العربية عن المآسي التي تسببت فيها أمريكا في العراق، وسوريا، كما أطلقوا وسما آخر باللغة الإنجليزية،
#USACrimesAgainstWomen
ليكون منبرا لرسالة دفاعية بمحتوى عربي يخاطبون به أنفسهم، ويرتد إليهم دون تأثير بالمستهدف من الرسالة، الذي يتشوق لسماع صوتنا. على الجانب الآخر قطع المغردون في حساب الصحيفة نهجا مؤثرا في التواصل الفعال بالمشاركة باللغة الإنجليزية وبالآراء والتجارب عن التغير في حياة السعوديات.
الهجوم في الرد، أو المثالية في تصوير المجتمع لن تزيد الفضول العالمي إلا استعارا في سبر أغوار حياة المرأة السعودية، كما أن الامتناع عن المشاركة لن يطمس، أو يحسن من صورتنا الذهنية في عيون العالم، لذا المساهمة في الصحافة العالمية فرصة للسعوديات لإبراز ولو بعض ما ننعم به من إيجابيات في بلادنا.
أخيرا: كفوا عن الحديث مع أنفسكم، وبادروا في نشر تجاربنا الإيجابية لنسمع العالم أجمع عن حقيقة التغيير الذي نعيشه بجميع ألوانه وأطيافه.