جاسر عبدالعزيز الجاسر
فككت السلطات الفرنسية مخيم كاليه العشوائي الكبير في شمال فرنسا، والذي يقصده المهاجرون غير الشرعيين ساعين إلى اكتساب صفة اللاجئين، وهدفهم النهائي الوصول إلى بريطانيا التي لا تفصل أراضيها عن كاليه سوى كيلو مترات قليلة يقطعها قطار في دقائق.
المهاجرون غير الشرعيين، ومنهم بعض اللاجئين الحقيقيين، ظلوا يتزايدون في كاليه، وهي مدينة فرنسية كانت مزدهرة كونها مدينة حدودية يقصدها البريطانيون ومن يقيم في بريطانيا من غير أبنائها، وخاصة في أيام الإجازات والعطل الأسبوعية، فما على أحدهم سوى التوجه إلى محطة القطار ليكون بعد دقائق في كاليه، يتمتع بيومي الإجازة ويعود بعدها إلى عمله في بريطانيا.
بعد تضخم معسكر المهاجرين واللاجئين في كاليه، والذين وصل عددهم إلى قرابة الثمانية آلاف والذين يعمد بعضهم إلى الخروج خارج المعسكر للتسكع أو لطلب الحصول على النقود، سواء بأداء عمل وقتي بسيط أو طلب المساعدة من مواطني كاليه أو سواها، وقد يلجأ بعضهم إلى الحصول على المال بطريقة غير شرعية كطريقة وصوله إلى كاليه، وبما أن مدينة كاليه من المدن الصغيرة فقد أدى وجود ثمانية آلاف شخص وافد عليها إلى حصول خلل في التركيبة السكانية انعكست على العديد من المظاهر السلوكية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية، وأول تلك الآثار التي أحدثت تغييراً سلبياً على المدينة، تقلص زوار المدينة من الجانب البريطاني مما أثر على المرافق السياحية من أماكن الإيواء والمطاعم والمقاهي، كما أن سكان المدينة أصبحوا أقل شعوراً بالأمن بعد انتشار العديد من المهاجرين غير الشرعيين في شوارعها، وهذا مما ولد نظرة عدائية بين السكان لهؤلاء الذين يعتبرونهم غرباء يهددون مدينتهم، كل هذه الأسباب دعت المدينة إلى مطالبة السلطات الفرنسية إلى تفكيك معسكر إيواء المهاجرين، وفعلاً تمت المباشرة بإخلاء المخيم ونقل من كانوا يقيمون فيه، إلى 451 مدينة فرنسية أخرى من خلال توزيعهم إلى مجموعات لا تزيد المجموعة الواحدة عن مئة شخص، والمفاجأة التي صدمت الأجهزة الفرنسية، وكل من تابع عملية نقل المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا يتخفون تحت طاقية اللاجئين، أن اللاجئين الحقيقيين وهم الذين تتعرض بلدانهم إلى كوارث الحروب والمعارك المذهبية يشكلون فقط أقل من عشرة بالمئة، فهناك قلة من السوريين والعراقيين، أما الأكثرية من هؤلاء اللاجئين غير الشرعيين فهم من أفغانستان والسودان وإريتريا وبعض الأفارقة الذين أخفوا أوراقهم الثبوتية، وأن هدفهم النهائي في المكوث بمعسكر كاليه هو الوثوب إلى الأراضي البريطانية بهدف الحصول على أعمال تتناسب مع إمكانياتهم وقدراتهم كأعمال ثانوية، مثل القيام بتنظيف الشوارع والغسيل والنقل وتحميل البضائع، وهي مهن لم تعد مطلوبة ومتوفرة في بريطانيا، مما يجعل من أي مهاجر يصل إلى أراضيها عبئا على الحكومة التي لا تزال «كريمة» في صرف المساعدات لمن ينجح في الوصول إلى أراضيها، حتى وإن كان وصولاً غير شرعي.