د. عبدالرحمن الشلاش
ما طرحه وزير الخدمة المدنية السعودي الأستاذ خالد العرج في برنامج الثامنة حول إنتاجية الموظف السعودي وأنها لا تتجاوز الساعة يوميا أثار كثيراً من الجدل الممزوج بالاستغراب من نتيجة الدراسة الصادمة التي استند عليها معاليه رغم أنها دراسة قديمة ولا يعتد بها علميا وعمليا في الوقت الحالي.
طرح مسألة الإنتاجية أثار لدي موضوعا يكثر الخلط فيه؛ فبرغم كل السنوات من التمرس في العمل الحكومي إلا أنه مازال بعض المسئولين يخلط بين الدوام والإنتاجية ولا يفرق بينهما! إن كان معالي الوزير يقصد بالساعة «ساعة إنتاجية» فالإنتاجية لها أدواتها ومقاييسها التي تضعها وزارة الخدمة ذاتها.
الإنتاجية بتعريفها الدقيق مقياس يعبر عن مدى كفاءة أي موظف في تحويل المدخلات إلى مخرجات في فترة زمنية محددة، ومن طرق قياسها، طريقة التقدير حيث يقوم الموظف بتقدير الزمن اللازم لإنجاز كل مهمة، أما الطريقة الثانية فهي طريقة سجلات العمل التاريخية وتعتمد على الرجوع إلى سجلات العمل الموثقة مسبقا لتحديد الزمن اللازم لإنجاز كل مهمة، ومن الطرق أيضا مقارنة الإنجازات بالأهداف الموضوعة، وهكذا يظهر لنا أن الإنتاجية عملية ليس من اليسير قياسها. إضافة إلى تأثرها بعوامل متداخلة مثل نظام وبيئة العمل وطريقة توزيع المهام، وتناسب حجم المهام مع الوقت المتاح، وكفاية أعداد الموظفين للقيام بالمهام، ومستوى تأهيل الموظفين وقدراتهم، ولا شك مطلقا بأهمية الإنتاجية وقياسها لتطوير الأداء ونتمنى أن يهتم بذلك مستقبلا.
أما إن كان يقصد بالساعة « ساعة دوام « فالدوام غير الإنتاجية صحيح أنه من العوامل المساعدة على الإنتاجية لكنه هنا جزء منها ولا يماثلها، فالدوام هو الوقت الذي يقضيه الموظف في العمل بغض النظر أن أنتج أم لم ينتج لأن هناك ما يسمى بالبطالة المقنعة والتي تشير إلى الموظفين الذين يحضرون صباحا وينصرفون ظهرا دون أن يمارسوا مهمة واحدة؛ إما لأنهم يمثلون أعدادا زائدة، أو لأن قدراتهم لا تتناسب مع الأعمال المتاحة، وبالتالي فليس لهم أي إنتاجية، وعملية رصد الدوام أسهل بكثير من الإنتاجية، إما عن طريق سجلات الحضور والانصراف أو البصمة، أو عن طريق الجولات الميدانية. الدوام يكون فقط في مقر العمل أما الإنتاجية فيمكن تحقيقها في أي مكان سواء في مقر العمل أو خارجه، ولذلك نجد بعض الموظفين يحملون معاملاتهم إلى المنزل، وهناك من يحققون إنتاجيتهم في الميدان.
إن كان المقصود ساعة دوام فهذا يعني وجود قصور في الأجهزة الرقابية، هذا إن كانت الدراسة المشار إليها دقيقة، أما الإنتاجية فلا أعتقد أنه يمكن تحديدها بهذه الطريقة السهلة.