خالد بن حمد المالك
هذا الحشد العسكري الدولي الذي نراه لن يكون عاجزًا عن تحرير (الموصل) وطرد داعش منها. قد تستغرق الحرب بعض الوقت، وقد يكون ثمن تحريرها أعدادًا غير قليلة من القتلى والجرحى في الجانبين. ومع التأكيد على أن المباني لن تنجو من الدمار الشامل، وأن الخسائر المادية ستكون كبيرة، إلا أن نهاية داعش في الموصل أصبحت قاب قوسين أو أدنى.
* *
وهذا الثمن البشري والمادي الباهظ تستحقه الموصل وأهل الموصل، وكذا السلام في المنطقة، أن يتم دفعه بطيب خاطر، وقناعة لا يمسها أو يساورها الشك، وتصميم قوي حتى تحقيق النصر، مهما كانت فداحة الخسائر؛ لأن إعطاء المزيد من الوقت لـ(داعش) إنما يقويها، ويثبتها أكثر على الأرض.
* *
هناك إجماع إقليمي ودولي بأنه لا خيار لتحرير الموصل عن الحرب، وليست هناك من فرصة للحوار، وأنه بدون التخلص من هذه المجموعة الإرهابية لن تنعم منطقتنا بالأمن والاستقرار والسلام، وأن شرها سوف يمتد إلى عدد من دول العالم، وعندئذ سوف تزداد أعداد من ينتسب إلى هذا التنظيم الخطير من المسلمين وغير المسلمين.
* *
ولادة داعش، واستيطانها بين سوريا والعراق، وامتداد جرائمها إلى عدد من الدول الأوروبية، دون أن توفَّر مسبقًا أي فرصة لإلحاق الضرر بهذا التنظيم الإرهابي المشبوه، يطرح السؤال من جديد: من الذي مكّن هذه المجموعة الصغيرة من أن تصل إلى احتلال مدن بإمكاناتها المتواضعة، ولا تجد أي مقاومة من القوات المسلحة وقوى الأمن، إن لم يكن هناك من يدعمها ويسلحها، ويوفر الغطاء الآمن لها؟
* *
هنا يبرز الدور الإيراني الذي يتحالف مع الشيطان، ويتبنى الإرهاب، ويوفر الملاذ الآمن لكل من يسير على خطى داعش وباقي المجموعات الإرهابية، ومع ذلك لا أحد يتحدث عن التسهيلات التي قدمتها إيران والنظام العراقي لداعش؛ كي تستوطن الموصل بعد إخلائها من أي قوة عسكرية، بانسحاب الأمن والقوات المسلحة العراقية من الموصل، وترك معداتهم وأسلحتهم العسكرية لداعش.
* *
والسؤال: لماذا تأخر الحسم والأخذ بقرار الحرب ضد داعش إلى هذه الأيام، ولم يتم حين وضعت أقدامها منذ قرابة العامين في الموصل؟ ولماذا لا يتوجَّه الإرهابيون إلا إلى المناطق السُّنية في العراق، حيث يكون الدمار الشامل والقتلى والمصابون عند احتلالها من المدنيين السُّنة؟ ولماذا يكون الحشد الشعبي (الشيعة من العراقيين والإيرانيين) شريكًا في الحروب في مواقع السُّنة، رغم كل الاحتجاجات؟
* *
نحن إذًا أمام تفريغ لمناطق السُّنة العراقية من سكانها؛ وبالتالي تغيير التركيبة السكانية في هذه المناطق، بهدف إضعاف هذا المكوّن، والحيلولة دون أن ينظِّم صفوفه ويستقوي مستقبلاً للمطالبة بحقوقه التي يتأمر عليها المكون الآخر بدعم وتوجيه وإملاء من الدولة الصفوية.
* *
نسأل أيضًا: ماذا بعد تحرير الموصل؟ هل ستعود إلى ما كانت عليه مدينة سُنّية قبل احتلال داعش لها؟ هل ستكون ضمن مناطق النفوذ السُّني، أم هي مؤامرة دولية لتشكيل العراق، وفق مصالح إسرائيل وإيران، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، كما هو واضح من (سيناريو) التطورات المتلاحقة في العراق، والوجود الإيراني الذي يرتقي إلى احتلال العراق برضا من النظام الذي جاء على دبابة أمريكية ليحكم العراق؟
* *
فتِّشوا عن المستفيد منذ بداية احتلال داعش للموصل، ونهاية بالحرب التي تجري الآن للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي الخطير؛ لكي لا يخدعنا الإعلام الموجَّه لتغييبنا عن معرفة الحقيقة والكيفية التي وُلدت بها داعش، والمناطق التي اختيرت لها، ومن ثم النهاية التي خُطط لها؛ كي يتم التخلص منها، بعد أن استنفدت الأهداف منها، وانتهى الدور المرسوم لها، بحسب النوايا والأهداف الاستعمارية المبيتة لتمزيق الدول العربية، ومحاربة الإسلام الحقيقي، لا إسلام داعش ومَن سار على خطاها.