د.دلال بنت مخلد الحربي
بدعوة كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله رئيسة مجلس إدارة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، وضمن مبادرة (سافر مع التراث)، وبالتعاون مع هيئة السياحة والتراث الوطني تيسَّر لي ولمجموعة من الزميلات القيام بالرحلة الثالثة في البرنامج والتي كانت وجهتها محافظة الأحساء خلال الفترة من 19- 21 المحرم / 20- 22 أكتوبر، ولعل أهم خطوة فيها أننا استخدمنا القطار في هذه الرحلة وسيلة للمواصلات بدلاً من الطائرة أو السيارة للتعرّف على تجربة نقل متاحة ومختلفة عن بقية مناطق المملكة، حيث الخط الحديدي الرابط بين الرياض والأحساء، وهي تجربة جديدة بالنسبة لي على الأقل أن أركب قطاراً داخل المملكة.
وقد كان الانتقال بهذه الوسيلة تجربة تستحق أن تُعاد لما شعرت به من راحة وآمن إضافة إلى ما كانت علية مقصورة المسافرين من تجهيز جيد وتنظيم مما أسهم في الاستمتاع بالرحلة دون إزعاج، وهذا شيء يُحمد للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، ولا شك أن هذه التجربة أطلقت العنان لتخيل ما سيصبح عليه الوضع بعد تعميم السكك الحديدية في مناطق المملكة وهو المشروع الذي بدأت به الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) في قطار الحرمين وخط ربط الشمال بالجنوب، والذي آمل أن يعمّم في مناطق المملكة ليسهل التنقّل ولتخفيف الازدحام على وسائل النقل الأخرى وللاستمتاع بالمناظر الطبيعية والمرور على مدن وقرى قد لا تكون هناك فرصة للمرور بها والتعرّف عليها إلا من خلال وسيلة النقل هذه.
كان وصولنا إلى محطة الهفوف والتي منها بدأ برنامج الرحلة الثاني، حيث تمت زيارة معالم بارزة خلال ثلاثة أيام وهي سوق القيصرية ثم قصر إبراهيم وسط الهفوف وميناء وشاطئ العقير وجبل القارة ومنزل البيعة (بيت المُلا) والمدرسة الأميرية، وتم أيضاً زيارة قرية الأحساء التراثية (مقهى السيد) ومركز النخلة للصناعات الحرفية ومسجد جواثى.
وهذا ليس كله ما تحتضنه الأحساء؛ فهناك مواقع كثيرة منها على سبيل المثال. قصر خزام وبحيرة الأصفر ومتحف الأحساء للآثار والتراث الشعبي.
وقد تبيّن لنا أن المحافظة تحتوي على إمكانيات سياحية كبيرة غير أنها تحتاج إلى المستثمر وتحتاج إلى الدعم الكبير من الدولة،كما أن هيئة السياحة وإن كان لها جهود واضحة إلا أن الواقع يستدعي منها جهد واهتمام أكبر ومتواصل حتى تكون المنطقة جاذبة للسياح من داخل المملكة وخارجها وهو ما يسهم في دعم اقتصاديات المنطقة.
أختم بالشكر لكل من ساهم في هذه الرحلة فكرةً وتخطيطاً وتنفيذاً ومشاركةً بدءاً بسمو الأميرة عادلة التي تؤكّد في كل مرة معنى الانتماء إلى الوطن بالعمل وإبراز هويته، والشكر لسمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي حرم سمو أمير المنطقة الشرقية والتي أبدت اهتماماً كبيراً بمتابعة سير الرحلة والحضور معنا في كل موقع وتسهيل أمورنا، كما أحاطت الحضور بكرم ضيافتها وحفاوتها على الرغم من ظرفها الصحي، وكانت تجسيداً رائعاً لمعنى المسؤولية وحب الوطن.
والشكر أيضاً لسمو الأميرة نوف بنت فيصل بن تركي التي كانت إحدى رفيقات الرحلة والتي كان لمشاركتها في الرحلة بحضورها وتعاملها وتفاعلها واهتمامها العالي بكل التفاصيل، وما أضفته على جو الرحلة العام من الألفة والود وحسن المعشر تأثير كبير على كل المشاركين.
والشكر لجميع الإخوة العاملين في فرع هيئة السياحة في الشرقية، وأخصّ الأخ خالد الفريده لجهده في التوضيح والرد على كل الاستفسارات.
أختم بالقول:
حفظ الله الأحساء واحة للجمال، والأمل يحدوني وقد لمست عن قرب صدق وعزيمة رجالات ونساء الأحساء على الارتقاء بها، كما لمست جهود مجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية على العمل الجاد والواعي للنهوض بالأحساء والمنطقة الشرقية عموماً، أن تكلّل جهودهم وأمانيهم الطيّبة بالتوفيق والنجاح لإعادة الوجه المشرق للأحساء ولتهيئتها لتكون مقصداً للسياح ولتنعم ببيئة نظيفة وراقية وأن تكون نموذجاً مثالياً لبقية مناطق المملكة..