د. عبدالواحد الحميد
من المصادفات أن موضوع هذه الزاوية يوم أمس الأول كان عن الطالب الذي ضرب معلمه في إحدى محافظات المملكة، وبالأمس قرأنا في بعض الصحف أن أحد الموظفين قد اعتدى بالضرب على طبيب استشاري بسبب خلاف بينهما في مجال العمل بمحافظة أخرى من محافظات المملكة.
لا يمكن تصور أي مبرر للاعتداء على معلم أو طبيب أو أي إنسان أياً كانت مهنته وأياً كانت الأسباب! نحن نعيش في زمن التحضّر والقانون، ومن يتعرّض لانتهاك حقوقه لا يمكن أن تسمح له أجهزة الحكومة في أي بلد أن يقتص بيده ممن يعتقد أنه غريمه. فهناك أنظمة وقوانين، وهناك قضاء، وجهات تنفيذية، ومن يتعرّض للظلم أو الخطأ يمكنه أن يلجأ إلى جهات الاختصاص ويأخذ حقه.
قد يبرر البعض اعتداءهم على موظفي الدولة أو موظفي القطاع الخاص بأن القضاء بطيء وأن إثبات الحق قد يصعب توفير الأدلة التي تدعمه، لكن هذا العذر ليس مقبولاً؛ وذلك لسبب جوهري وهو أن ترك الناس يقتصون لأنفسهم بأيديهم يؤدي إلى فلتان المجتمعات ووقوع شرور عظيمة تتجاوز أصحاب العلاقة وتعم آخرين لا علاقة لهم بالقضايا المتنازع عليها.
وبصراحة، هناك حالات من النزق والاستهتار والمكابرة والتكبّر التي يبديها البعض عند حدوث أي موقف لا يعجبهم، فتراه يتطاول على الآخرين بالقول المبتذل أو حتى بِمَد اليد لمجرد أن أمراً ما لا يعجبه أو لمجرد أنه يعتقد أن حقوقه قد انتهكت!
قرأنا أيضاً قصصاً عن مرضى يعتدون بالضرب المبرح على أطباء وخصوصاً في أقسام الطوارئ وأقسام الولادة لمجرد أنهم يعتقدون أن الطبيب بوسعه أن يحقق المعجزات أو لاعتقادهم أن بإمكان الطبيب العمل مثل جهاز كمبيوتر أو آلَة صمَّاء! نحن لا نقول إن الأطباء لا يرتكبون الأخطاء، لكننا نقول إن معاقبة الطبيب الذي يرتكب الأخطاء يجب أن تتم بطرق نظامية وليس على يد أقارب المرضى الذين ينساقون خلف عواطفهم.
استخدام العنف بحق الأطباء يتكرّر بين الحين والآخر، وقد آن الأوان كي يتوقف هذا العنف فهو علامة تخلّف، ولا يليق بمجتمعنا حدوث هذه التجاوزات بعد كل هذا المشوار الطويل من التنمية والتعليم والتحضّر. ولكي يتأدب المتجاوزون، أو على الأقل للحد من هذه الممارسة المتخلّفة، يجب أن يكون العقاب صارماً وسريعاً لكل المتجاوزين.