أمل بنت فهد
هل حدث معك يوماً بعد أن كبرت وأصبحت محترماً في مجتمعك.. ولك مكانتك الاجتماعية.. أو الوظيفية.. أو السياسية.. أن كنت في مجلس تعمه البهجة.. وأنت بكل وقارك منتصب القمة.. وتتحدث في فنك وما تجيده.. قام أحد معارفك «الظرفاء» مستخفاً دمه وثقل طينته.. وتندر بمواقفك المحرجة في طفولتك أو مراهقتك؟ بماذا شعرت وأنت تغوص في الإحراج لحظة أصبحت حماقاتك فاكهة مجلس كنت أنت المهيب فيه!
وماذا لو أن الظريف بالغ في ظرافته.. وكشف عن صورتك العتيقة وأنت أشعث أغبر.. مبلل الأنف والفم.. حافي القدمين.. تمارس براءة طفل محرجة!
هذا الموقف دون شك مؤذٍ جداً.. فما بالنا اليوم نرى أمهات وآباء وإخوة وأصدقاء يوثقون حماقات بعضهم.. وأسرارهم.. وينشرونها دون التفكير في غدٍ قد يجعلهم في نفس موقف صاحبنا مع الظريف.. وماذا ستقول لطفلك أو طفلتك حين يكبرون وأنت انتهكت خصوصيتهم في صغرهم وجعلتهم مادة سخرية.. أضحكت بها العالم.. وستبقى وثيقة تحرجهم أينما توجهوا!
هذا السباق المحموم على توثيق وتصوير غفلتهم.. وغبائهم.. وقلة خبرتهم.. وحماقاتهم.. لماذا؟ وما العائد من جعل طفلك وابنك مضحكة ومسخرة للآخرين.. والمؤلم أنها ستبقى في فضاء النت.. والأجهزة.. أبد الآبدين.. فكيف إذا رأيت توجعهم مستقبلاً من سخرية الآخرين.. كيف ستحلها يا عبقري زمانك.
التفكير باللحظة فقط.. والانسياق دون تفكير.. مقلق.. فمن تصوير الأسرار العميقة.. إلى تصوير زلل من نحب ونحمي.. وتثبيت وإثبات لخطأهم.. يرمي ألف سؤال حول فهمنا للتقنية.. وكيف يمكنها أن تدمر نفسيات.. وتهز الاحترام.. وتفكك الأسر.
قبل أن ترفع جهازك.. وتكون أنت من يدين نفسك وأسرتك وطفلك وصديقك ومجتمعك.. تريث قليلاً.. وتأكد من قدرتك على دفع فاتورة الألم الذي ستسببه.
توثيق اللحظات الجميلة له مردود عاطفي واجتماعي.. وسلوك متحضر.. لكن المواقف المحرجة.. والأسرار.. سلوك ليس له اسم ولا مبرر.. عدا أنك ستلف حبل المشنقة على رقبتك بنفسك.
ومن حق طفلك أن تفكر في مستقبله.. ولا تكن سبباً في كسره حين يكبر.. حين يهديك نجاحه.. لا تهديه وثيقة إحراجه على الملأ.