سعود عبدالعزيز الجنيدل
نعيش في عصر تتسابق فيه القنوات على بث الأخبار الحصرية، وتحاول كل القنوات جاهدة أن يكون لها الأسبقية.
وكذلك الحال بالنسبة لقنوات التواصل الاجتماعية، وهذا مما لا شك أسهم وبقوة في انتشار، وترويج كثير من الإشاعات.
ولكن ما موقف المتلقي من هذه الأخبار؟ وكيف هي ردة فعله؟ وهل هناك إستراتيجيات معينة في تلقي الأخبار؟
أذكر موقفًا حصل لي مع أحد الزملاء، ويتلخص في الآتي:
أخبرني بخبر ما، وعندما سألته عن مصدر هذا الخبر أحالني إلى تغريدة أحد الذين يتابعهم، وهو رجل أكاديمي، ويزعم -زميلي- أن أخبار هذا الأكاديمي دائمًا ما تكون صحيحة، فسألته عن المصدر الذي أورده هذا الأكاديمي، فتفاجأ من هذا السؤال، وبدأ يدافع عن هذا الأكاديمي... وفي نهاية المطاف استطعت أن أوضح له أن الشك في الخبر أو المعلومة مبدأ تعودت عليه -الشك الديكارتي- وهو دائما ما يقودني إلى المعلومة الصحيحة، فرجع هذا الزميل ليبحث عن مصدر الخبر الذي غرد به هذا الأكاديمي، فوجده خبرًا منشورًا في نيويورك تايمز! وهو عبارة عن مقال لأحد الكتاب! فقلت له عد للمقالة وانظر ما المصدر الذي اعتمد عليه الكاتب، لا أكتمكم سرًا أن زميلي العزيز ضاق بي ذرعًا، وبأسئلتي، مما حدا به الأمر لإنهاء النقاش!.
وهذا حال كثير من الأخبار، فَلَو نقبت عن مصادرها ستجدها نقولات، يتداولها الناس من دون أن توضع على طاولة التشريح، وبالتالي فهي بعيدة كل البعد عن مشرط النقد.
أرى من المهم جدًا التوقف عند هذا الأمر، وأيضًا يجب طرح سؤال في غاية الأهمية، هل الذي يتداول خبر أم رأي!؟
والفرق بينهما شاسع جدًا، كالفرق بين السماء والأرض، فإذا كان رأيًا فهو يظل خاصًا بالكاتب أو القائل بغض النظر عن مدى موافقتنا من عدمها، وفي الوقت نفسه فلكل شخص الحرية فيما يقول، أو يكتب، ما دام هذا المقول أو المكتوب لا يعدو كونه رأيًا لصاحبه يعرضه ولا يفرضه.
أما إذا كان خبرًا، وعادة ما يكون هذا الخبر متعلقًا بزمن معين، كأن يكون خبرًا عن أمر ما حدث في الماضي، أو أن يكون عن أمر سيحدث في المستقبل، فهذا الخبر الذي عرض علينا من قبل أحد الأشخاص معرض للصدق أو الكذب، وهذان الاحتمالان يصاحبان دائما الأخبار التي تعرض من قبل الناس، فبالتالي يجب البحث عن الأدلة والبراهين، والمصدر، لكي نستطيع الحكم على صدق هذا الخبر، وإذا لم نعثر عليها، فيحق لنا السؤال عنها.
أخيرًا
من حقنا السؤال عن الأدلة، والبراهين التي ترافق الأخبار، وعن مصدرها، ولا أتصور أن أحدًا ما سيلومنا لو فعلنا ذلك، أما إذا كان الأمر عبارة عن رأي لأحد ما، فسيظل رأيًا يعرضه ولا يفرضه، وسيحاول جاهدًا أن يدعم رأيه بِمَا يراه، وفي نهاية المطاف سيكون لنا الحرية في قبول رأيه من عدمه.