د. ناهد باشطح
فاصلة:
{فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ}. سورة آل عمران (153-154)
لا تخلو الحياة من الضيقات والأزمات، والموجوع الذي ترزح روحه تحت وطأة الألم بسبب ضيقة ألّمت بحياته، فاختبر فيها الحزن و جرب الألم فهو لا يحتاج إلى نصائح تنشله من حزنه أو تعالج مشكلته، هو بحاجة إلى أذن عاطفية.. بحاجة إلى من ينصت إلى حزنه أو غضبه إلى الربكة التي بداخل روحه فقط وينتشله من الشكوى والتذمر.
لذلك لا يمكن لحزين أن يجد من بين من حوله من ينتشله من حزنه بسهولة حينما هو غارق في أفكاره السلبية.
أفكاره تدور حول شعوره بأنه ضحية ، وأن قلبه منكسر ولا أحد من الناس يمكن أن يشعروا بمشاعره مهما حاولوا التعاطف معه ليس لتقصير منهم بل لأنه في وسط أحزانه يشعر أنه وحده يختبر هذا الألم.
والحق أن الناس لو أحسوا بك مرة فلن يحسوا بك مرة أخرى.
وإذا انكسر قلبك فلا تنتظر الكثير من نفسك أو من الآخرين فنفسك مكسورة والناس قد يلوموك أو قد يستهينوا بألمك دون أن يقصدوا من خلال عبارات أنت لا تحتاجها في هذا الوقت مهما كانت عبارات تعزية وتعاطف.
الحزن حزنك وأنت أولى بحمله، ومن نعمة الله أنه قريب جداً منا في أحزاننا وضيقاتنا.
والضيقات وانكسار القلب وسط الأزمات هي فرصة أن يعود الإنسان لقلبه... أن يتعلم الإنسان الكثير من الصبر والتأمل، ويكتشف كثير من الأنقياء يدخلون عالمه وبعضهم يختفي دون أسف على غيابهم.
من بداية الضيقة إلى فرج الله مساحة مهما كانت صعبة إلا أنها ستنتهي.
من الذي يستطيع أن يعي رسالة الله من الضيقات فيهدأ ويتفكر في نفسه وأحواله ويدرك أن الله قريب وقد منحه فرصة للتغيير عبر هذه الضيقة والألم.
مرحلة من الوعي عالية تلك التي تجعلنا نتفهم الحكمة من تحديات الحياة وضيقاتها، ولو تأملنا حياة مختبري الحزن وانكسار القلب لوجدنا أن بعد ضيقاتهم وصلوا إلى مرحلة أفضل حين استطاعوا أن يستغنوا عن الناس بالله وحده، فالتقرب منه عالم نوراني لا يشبهه شيء ولا يخبره إلا من عبر من الضيقات إلى الفرج عبر الوعي.