في زمن البلوغ وحيوية الشباب والتباهي بالصحة والنشاط والسعي للوصول للرجولة بسرعة من خلال بعض التصرفات والتي يهدف من خلالها الشباب لمسابقة الزمن والدخول في مرحلة لم يصلوا إليها بعد عمريا..
وقف محمد أمام المرآة يتأمل ويبحلق بناظريه يمينا وشمالا ويضع يده على موضع شاربه متحسسا ذلك الشعر الذي يشعر به، لكنه لا يراه كما يريد سرح وذهب بعيدا بأفكاره. نسي أنه في بيتهم، وأمام المرآة..
سرح بخياله في عالم آخر تخيل نفسه رجلا يشار إليه بالبنان كونه يمتلك شاربا (شنبا)كثيفا، الكل يشيد به ومعجب به ويتمنى أن يكون مثله.
لم يطل سرحانه وتفكيره كثيرا حيث تبلورت في رأسه فكرة قرر تطبيقها ولم يكن يدرك أنها سوف تؤثر على سنه وتجعله يبدو في سن غير سنه الحقيقي..
فهذه الفكرة تمثلت في أن يقوم بحلاقه شاربه لكي ينمو بسرعة ويصبح كما جاء في مخيلته صمم على تنفيذ الفكرة لكنه توقف قليلا عند مشكلة تتمثل في المدرسة كونه طالبا بالمرحلة الابتدائية.. كيف سيذهب للمدرسة، وسوف يلاحظ زملاؤه الطلاب شكله وقد يصبح محل استهزاء من قبلهم.
أدار في رأسه فكرة غير موفقة لكنه عندما أدارها برأسه أعجبته وصمم على تنفيذها وتتلخص في أن يتغيب عن المدرسة ويدعي أنه مريض إلى أن ينبت الشعر الذي يحلم به..
مر أسبوع وهو متغيب عن مدرسته وطوال الأسبوع كان لا يفارق المرآة يتابع نمو الشعر لم يتبق إلا يوم واحد ليبدأ الأسبوع الثاني للمدرسة سعد بنمو الشعر حيث قرر العودة للمدرسة مع بداية الأسبوع وفي المدرسة لاحظ زملاؤه في الفصل أن شكله قد تغير.
الكل يتساءل ويوجه له الأسئلة هناك شيء متغير فيك وشكلك أصبح أكبر ما الذي حدث؟ أجبنا؟ قال مزهوا مفتخرا:- فكروا أنا لن أقول شيئا.. تنبه أحدهم فقال شاربك.. نعم هذا الذي تغير فيك.. ماذا فعلت لقد نبت شعرك سريعا خلال عشرة أيام؟!! هذا يسأل والآخر كذلك وكان رده هذا سر قالوا لكن هذا جعلك أكبر من سنك لم يلتفت لكلامهم كونه أصبح في عالم آخر من الفخر والسعادة ولم يكن يدري ماذا تخبئ له الأيام. بعد أن بلغ الـ 18 من العمر أراد الحصول على البطاقة المدنية (بطاقة الأحوال) ولكونه لم يولد في مستشفى فقد تمت ولادته في مدينتهم الصغيرة القريبة من الرياض ويحتاج الأمر أن يتم تحديد سنه فقرر والده يرحمه الله اصطحابه الى مستشفى المدينة الكبيرة فالشاب صغير لكن عبثه بشاربه جعله يبدو كبيرا وهذا ما جعل ذلك الطبيب الأجنبي يظلمه في تحديد السن ويضيف لسنه عشر سنوات رغم أن الفارق بينه وبين شقيقه الأصغر منه كان لا يتجاوز العامين فقط..
فقد دفع الشاب المسكين ثمن عبثه واستعجاله البلوغ والرجولة باكرا حيث كان ذلك الطبيب الجاهل سببا في أن يحال هذا الشاب إلى التقاعد قبل وقته الحقيقي بعشر سنوات؛ حيث تمت إحالته إلى نظام التقاعد وهو في كامل الحيوية والعنفوان والصحة والحواس السليمة لكنه نتيجة حتمية للعبث والاستعجال على البلوغ وطلب الرجولة المبكرة.
- محمد عبدالعزيز اليحيا
Mhd1999@hotmail.com