أحمد المغلوث
كانت المدينة تستقبل سوقها الأسبوعي بحضور لافت من قبل المواطنين والمقيمين فيها إضافة إلى عشرات المئات من الوافدين إليها من المناطق والمحافظات والمدن والقرى. فسوقها الأسبوعي الشهير يشكل سوق جذب للجميع.. كانت الحرارة مرتفعة على غير عادتها.. والشارع الملكي يبدو اليوم ويلا على غير عادته رغم طوله الذي تميز به.. فهو الشريان الرئيس مابين المدينتين الشهيرتين. الهفوف والمبرز.. كان الزحام على أشده فهو اشتهر ومنذ تمت توسعته قبل خمسة عقود. كشارع تتناثر على جانبيه المحلات المتخصصة في بيع كل ما له علاقة بالسيارات. بل إنه يشكل مع مجموع المحلات والمتاجر والورش المتخصصة في الصيانة والسمكرة مدينة صناعية قبل أن تعرف المدن هذا المسمى.. شارع نابض بالحياة. حتى إنه وعندما كان فتى صغيرا وجاء مع والده في سيارته «الوانيت الفورد» شعر أنه يدخل إلى عالم عجيب ومدهش. عالم كله ضجيج وصخب العمل وإيقاعات المطارق التي كانت تطرق أبواب ورفارف السيارات المصدومة.. وأنين «المخارط « وهي تخرط الهبات والتروس داخل عشرات الورش الصغيرة والكبيرة. جميعها تنقل حياة صاخبة مشبعة بالضوضاء الغريبة والمدهشة لفتى يراها بل يعايشها لأول مرة. دلف مع والده إلى ورشة السمكرة. بعدما أوقف والده السيارة خارج الورشة والتي كانت تقص بالسيارات التي فتحت أحشاءها وتبعثرت قطعها وتناثرت أبوابها ونوافذها في كل مكان.. فجأة سمع أحدهم يصرخ لقد وقع حادث شنيع.. مد عنقه الصغير في اتجاه الرجل الذي كان يردد: حادث شنيع. حادث شنيع.. ترك بعض العمال أعمالهم وتراكضوا مسرعين في اتجاه الحادث.. أراد أن يركض معهم ليشاهد الحادث الشنيع ولكن والده كان مشغولا بالحديث مع صاحب الورشة. كانت الضجة التي أعقبت الحادث قد وصل خبرها لوالده وصاحب الورشة. كانت وجوه الجميع واجمة وجامدة وعلامات الاستفهام تلوب حول رؤوسهم.. لكن عيناه كانت تنظر للبعيد حيث الحادث وأمنيته أن يشاهده مباشرة.؟! وبعد لحظات أنهى والده حديثه واستفساراته مع صاحب الورشة وعقب خارجا منها وتبعه. وهو يمني نفسه أن والده سوف يتجه إلى حيث الحادث الشنيع.؟! صعدا للسيارة وأشعل والده محركها وقادها رغم الازدحام الشديد والاختناق المروري. كانت القيادة في الشارع من الصعوبة بمكان. كان الذين يسيرون على أقدامهم في اتجاه الحادث أكثر من الذين في السيارات والمركبات.. كل ذلك وأكثر منه. قال والده وهو يربت على كتفه يبدو يا ودي أن الحادث قد عطل السير..؟! وعلينا الانتظار جانبا. فتطلع إلى والده راجيا أن يسمح له بالنزول وأن يذهب لمشاهدة الحادث.. وراح يردد الله يخليك أبوي اسمح لي. وهنا أسقط في يد والده. فرد طيب بس انتبه ترى مكان الحادث كما يقال زحمة وعالم. وخليك حذر.؟ وانطلق الفتى بعدما أكد لوالده أنه سوف يحذر وينتبه وما فيه إلا الخير. بسرعة هرول مسرعا مع المهرولين في اتجاه الحادث. عندما اقترب منه كان الفضوليون حول الضحية بصورة لا يمكن لمثله أن يشاهد تفاصيل الحادث لكن كانت همهمات وعبارات كثيرة تردد بين المتجمهرين. ووصل أحدهم مسرعا وهو يقول: وسعوا الله ويوسع عليكم أنا والد الضحية. فنظر إليه الجميع وهم يعيشون الدهشة. بعدما افسحوا له المكان ليشاهد الضحية. وكم كان خجله كبيرا. فالضحية حمار دهسته مع حمولته من البرسيم. شاحنة..؟!