رقية سليمان الهويريني
في عام 1980م قبل 35 سنة كان التحذير شديداً وموجهاً للوالدين من مخاطر التلفزيون وأنه سيفسد أخلاق الأبناء، وفي عام 1990م قبل 25 سنة كان التحذير صاخباً تجاه الخدم وأنهم سبب في إفساد الأطفال، أما في عام 2000م فقد تم التحذير من الأجهزة والألعاب الإلكترونية وأنها أحد عوامل تقويض التربية، وفي عام 2010 م كان التحذير من أجهزة الجوالات ودورها في إفساد الجيل!
وعلى مدى 35 سنة ونحن نحذّر ونصرخ!!
لم نتوقف عن التحذير من الجديد، وكأننا نبعد اللوم والمسؤولية عن الوالدين، ونحملها الآخر، أياً كان الآخر!
الآن أين التلفزيون في خريطة البيت السعودي؟
وهل حقاً كان للخدم دور بارز في التربية والتوجيه؟
أم أن أجهزة البلاي ستيشن قد خربت الجيل فعلاً؟
وماذا عن الآيباد والجوال؟ التي ينسب لها حتى تخريب الآباء والأمهات؟ وماذا عن مشاهير السناب الذين لا يحملون فكراً ولا أسلوباً غير استهلاك الحكايا اليومية ونشاطاتهم الشخصية وسفرياتهم المكوكية والدعايات التي تعوّد على الشراء والسفر والفوضى؟
الكثير رأى مقطع (تكفى يا سعد!) الشاب الذي قتل ابن عمه وأهدى الجريمة لرئيس تنظيم داعش وأميرها المزعوم. فهل أثَّر عليه التلفزيون أم الخدم أم الأجهزة الإلكترونية أم التربية الأسرية أم المدرسة أو الشارع أم ماذا؟
السؤال الأهم: ما الذي يحدث في مجتمعنا، ومن المسؤول؟
ليس المقال مجالاً لجلد الذات وإنما تشخيص للواقع المؤلم الذي تواجهه الأسرة السعودية بالتحديد! والورطة الاجتماعية التي يعيشها المجتمع.
والحق أن وصفات التربية التي يطلقها المختصون وأصحاب التجارب ليست علاجاً نحضره من الصيدلية لمرض بعينه، فحتى الوصفات الطبية تختلف من شخص لشخص في ذات المرض! بمعنى أن الأساليب المتبعة مع طفل تختلف تجاه طفل آخر بحسب ظروفه النفسية والجسدية والاجتماعية وحتى الاقتصادية ولا يمكن أن نطبق أي وصفة بعموميتها دون النظر لجوانب شخصية الطفل والمراهق! فما يصلح لأحد أبنائك قد لا يناسب إخوانه، والطريقة المتبعة مع أحدهم قد لا تنطبق على أشقائه فما بالك بالآخرين من بيئات مختلفة الذين لا يعيشون نفس ظروفه، ولا حتى تركيبته النفسية والشخصية.
أوَلم يحن الوقت لتأسيس مركز وطني للدراسات التربوية هدفه تعزيز استقرار الأسرة السعودية ودعم مسيرتها الأخلاقية والتنموية، ليمكن تأصيل الأمن الفكري في مجتمعنا، ووقاية الشباب من غوائل التطرف والإرهاب الذي يتخطف الناس من حولنا؟!