عبدالله العجلان
عدم منح نادي الاتحاد رخصة المشاركة في دوري أبطال آسيا 2017 بسبب وجود ديون لم يتمكن من سدادها في الوقت المحدد، هو بالتأكيد خبر محزن للاتحادين وللجماهير والكرة السعودية عموماً، وقبل وأهم من ذلك هو دليل على أن أنديتنا دخلت بالفعل مرحلة الإفلاس، وأننا أمام أزمة مالية حقيقية خطيرة خانقة ستظهر وتكبر نتائجها السيئة لاحقاً، على أندية عديدة ظلت طيلة السنوات الأخيرة تتحرك بتخبط، وتعالج نفسها بمسكنات يزول مفعولها وقت الجد وإيفاء الحقوق، وتتعاقد بتسهيلات من هنا وفزعات من هناك، إلى أن وصلت لما هي عليه الآن وما هو أسوأ فيما بعد..!
لا أبالغ ولا أتباهى لو قلت إنني حذّرت وتوقعت ما يمر به الاتحاد حالياً، من أيام الحملات الاتحادية ضد رئيس لجنة الاحتراف آنذاك الدكتور صالح بن ناصر، وكنت وقتها أقف في صف ابن ناصر لأنه كان يتعامل مع وقائع وأرقام وأنظمة قد تزعج الاتحاديين في حينها، لكنها تجبرهم على أن يعيدوا حساباتهم وطريقة إنفاقهم وتنظيم إدارة شؤونهم المالية، المشكلة أن قرارات ابن ناصر لم تنفذ بعد تدخل من الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي ظنت أنها تنفع نادي الاتحاد، بينما هي تساهم في تكريس فوضويته وإلحاق الضرر بنفسه، وهذا ما حدث بالفعل فرأينا العميد من ذلك الوقت ومع تعاقب كوم إداراته، يعاني من أزمات مالية مستمرة متنامية تتراكم موسماً بعد آخر، دون حلول شافية أو قرارات حازمة تمنعه من التمادي في إنفاقه أو أن تضع حداً لتزايد ديونه..
وحتى لا تضيع حقوق الاتحاد في دوامة الاتهامات والملاسنات المتبادلة بين الاتحاديين أنفسهم من جهة، ومع الهيئة واتحاد الكرة ورابطة المحترفين من الجهة الأخرى، من الضروري إيضاح أن المسؤولية تقع في المقام الأول على نادي الاتحاد بكل مكوّناته (مجالس إداراته وجمعيته العمومية وأعضاء شرفه وحتى جماهيره وإعلامه)، لعدم اهتمامهم بواقعهم وسوء تقديرهم لمستقبلهم منذ بداية البذخ والعقود الهستيرية، كما أن الرئاسة العامة سابقاً وهيئة الرياضة حالياً، تتحمل جزءاً من المسؤولية بسبب صمتها وعدم تدخلها لإيقاف نزيف الاتحاد في الوقت المناسب..
الأكيد أن أزمة الاتحاد لن تتوقف عند موضوع الرخصة الآسيوية بل ستمتد مستقبلاً إلى ملفات أخرى داخلية وخارجية، كما أن ما تعرض له الاتحاد سيشمل أندية أخرى كانت ومازالت ترتكب نفس الأخطاء، لذلك فإن هيئة الرياضة مطالبة بالقيام بواجباتها فيما يتعلق بتفعيل دور الجمعيات العمومية للأندية ومراجعة ومراقبة ميزانياتها السنوية، وعدم الموافقة على تشكيل أو انتخاب مجلس إدارة جديد، إلا بعد تسوية كافة القضايا المالية العالقة المرتبطة بالمجلس السابق، كي لا تتداخل المسؤوليات وتتحول إلى كرة تتقاذفها الإدارات المتعاقبة فيما بينها لتبرئة نفسها ويكون النادي هو الضحية ..
هل من مجيب؟!
فيما يخص اتحاد الكرة فقد أثيرت بعد قرار حرمان نادي الاتحاد من الرخصة الآسيوية الكثير من التساؤلات، ووجهت إليه وللجنة الاحتراف والتراخيص اتهامات التباين في التعامل بحدة وصرامة مع الاتحاد، بينما التساهل عن متطلبات الرخصة لناديي النصر والأهلي في دوري أبطال آسيا الأخيرة 2016 ما دفع الاتحاد الآسيوي إلى فرض غرامات على اتحاد الكرة بواقع 150 ألف دولار عن رخصة النادي الواحد، قبل هذا الموقف وتحديداً بعد إعلان العقوبة من الاتحاد الآسيوي كان الشارع الرياضي السعودي مستاءً من وقوع اتحاد الكرة بمثل هذا الخطأ الفادح، وهنالك من رأى أنه غض الطرف خدمة ومساعدة للأهلي والنصر، وزاد الطين بلة أنه لم يصدر أية إيضاحات مقنعة تؤكد سلامة موقفه وتنفي عنه تهمة تمرير رخصتي الناديين، واليوم وبعد ما حدث لنادي الاتحاد رأينا الكثير من الأصوات الاتحادية وغير الاتحادية، تسترجع القضية نفسها وتفتح ملفها من جديد ولكن هذه المرة بشكل أوسع وأكثر تنديداً، مقابل استمرار صمت وتجاهل الجهة المعنية في اتحاد الكرة..
لجنة الاحتراف هي الأخرى أثير حول أدائها السؤال التالي والمنطقي: كيف سمحت للاتحاد وأندية أخرى بالتسجيل في الفترة الأولى وهي ــ أي هذه الأندية ــ أخفقت في الحصول على الرخصة الآسيوية بسبب الديون الملزمة بسدادها بقرارات صادرة قبل فترة التسجيل؟ ومثلما طالبنا لجنة التراخيص بتوضيح موقفها من رخصتي النصر والأهلي، على لجنة الاحتراف أن تسارع لكشف الغموض، وتبرئ ساحتها من تهمة السماح لهذه الأندية بالتسجيل بطريقة مخالفة للأنظمة، وعلى حساب أطراف انتظروا طويلاً تنفيذ قرارات صرف مستحقاتهم..
= أخيراً كل شيء بالإمكان التغاضي عنه و(دمدمته) والتستر عليه إلا حقوق الناس المالية، فهذه لابد أن تظهر طال الزمن أو قصر، فرجاء لا تتلاعبوا بها أو تتذاكوا في الالتفاف عليها، والأهم من ذلك هي أمانة في أعناقكم، كما أن السكوت عليها والمماطلة في سدادها لا يقدم حلاً بقدر ما يزيدها تعقيداً ويضيف إليها أعباء يصعب وربما يستحيل تجاوزها والخروج منها بسلام.