عبده الأسمري
في سيرته يجتمع الأدب مع العطاء وتتقاطع الثقافة مع الاحتفاء وفي مسيرته حول الإثراء المعرفي إلى ثراء حافل بالتكريم.. قدم للوطن إرثا من النماء الأدبي المفعم بإرساء الموروث الثقافي وترسيخ الإبداع الفكري.
انه الأديب والرمز الثقافي عبدالمقصود خوجة مؤسس الاثنينية الشهيرة والقامة الوطنية التي كرمت الأدباء وشجعت المفكرين واستلهمت الإحساس الوطني الثقافي والفكري والمعرفي.
بوجه تعلوه ملامح الوقار، يكسوه شيب مهيب وتقاسيم حجازية وسمات وجدان ينثر أدبا وينتفض ثقافة، مع انعكاس إنساني تملأه السكينة الممزوجة بكلمات مختلطة بين الدين والحياة وعبارات تتمازج فيها الحكمة وبعد النظر يطل بين إخوانه وأبنائه كما يحلو لهم تسميته في اثنينه "خوجة" التي كانت وظلت وستظل الاطار الماسي الذي بروز انتاج قامات العلم والفكر والادب والثقافة فأحاطتهم بالتشجيع وأتحفتهم بالتكريم ووضعتهم في لوحة وطنية فاخرة من العطاء والنماء.
كان خوجة طفلا وشابا يافعا يراقب المبدعين العرب في منزل والدة عندما كان يحتفي بهم وينالون شهادة التكريم بعد شرف أداء الحج وهم يجودون بالقصائد والقصص والروايات وينثرون الأدب أمام والده الذي كان شاهد عيان ومؤسس كيان حافل بالإبداع وأهله فكبرت معه الذكريات ونما في داخلة "حب الثقافة" و"عشق الأدب" و"دافعية الاحتفال بأهل المعرفة" و"أمنيات التشجيع لأصحاب الفكر".
خوجة الإنسان ابن الحجاز الذي جال في الحجون وشعب عامر طفلاَ سجعت ذاكرته بروح المكان وتشبعت قريحته بأهازيج أم القرى ونبضت عروقه بطهر أنفاس مكة، تربى في كنف أسرة مكاوية تعشق الضيافة وتهوى أعمال الرفادة، فنشأ في أحضان قيافة الأصول واستضافة الإبداع. وفي مدارس الفلاح منبع الكفاح أكاديمية "جيل الحجازيين المبدعين"، تخرج بشهادة كانت حينها "دكتوراه علم وأستاذية شرف "ليرحل إلى "الشام العدية " ليشبع غرورا نبع من أحاديث اجداده وهم ينقلون إليه تراثها وارثها، فدرس في معهد العربي الإسلامي وعاد ليبدأ حياة وظيفية كان من خلالها "شاغلا للمنصب" "منشغلا بالهوية الثقافية"؛ حيث عمل مندوباً من الديوان الملكي إلى المفوضية السعودية ببيروت، وبعدها بالمكتب الصحفي بالشسفارة السعودية، وانتقل بعدها إلى عشقه المكاني "جدة" التي طالما بعد عنها "مسافرا" واقترب منها ومكث فيها "عاشقاً لانتماء المكان ونماء المهمة"، حيث عين مديراً للمكتب الخاص للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر ثم مديراً للإدارة العامة للصحافة والإذاعة والنشر بجدة (قبل قيام وزارة الإعلام).
ثم قرر الاستقالة من العمل الحكومي عام 1383هـ / 1964م، واتجه إلى الأعمال الحرة حيث أسس عدة شركات في مجال أعمال البناء والمقاولات والصناعة إضافة إلى عدة نشاطات أخرى بتمثيل شركات خارجية لدى السعودية ونشاطات تجارية وصناعية، وعقارية متعددة داخل وخارج المملكة.
ثلاثة عقود ونصف وجدة "العروس" تختال باهية وزاهية على موعد كل اثنين مع إضاءات السماء وإمضاءات الأرض بكرنفال ثقافي "تحتضنه الاثنينية الشهيرة" التي باتت تجمعا ثقافيا ومجمعا أدبيا يجمع المثقفين ويثقف الجموع . حيث أسس خوجة منتدى "الاثنينية" الأدبي الذي يقام مساء كل اثنين بدارته بجدة منذ عام 1403 في حضرة رجال الفكر والصحافة والأدب من داخل المملكة وخارجها ووثقت هذه التظاهرة الثقافية الكبرى تكريم خمسمائة عالم ومفكر وأديب من داخل المملكة وخارجها عبر مسيرتها الثالثة والثلاثين.. وتم تأسيس موقع لها على الانترنت تضم إصدارات "كتاب الاثنينية" إضافة إلى فعالياتها بمسمى سلسلة "أمسيات الاثنينية وتم من خلالها رصد أكثر من 70 عنوانا في 185 مجلداً من خلال 85.268 صفحة وعدد 33243 صورة فوتوغرافية عبدالمقصود خوجة والد المثقفين وزميل المبدعين وصديق الأدباء.
من رعيل الباذخين "عطاء" وسليل المنتجين "نماء" من أبرز قامات الوفاء الوطني في الحركة الثقافية، سفير منتدب وخبير منتخب يغدق بالإنتاج والتكريم للثقافة وكل نتاجها بحب الانتماء وانتماء الحب للأدب وأهله.
عبدالمقصود خوجة "أديب مستضيف لنداءات المرحلة. ومثقف حصيف سخر وقته وماله وادخر جهده وآماله لخدمة الثقافة الوطنية وتنمية "الوطن الثقافي " المتفرع من الوطن الكبير.