تمر الأيام، وتتسابق الساعات، ونجد أنفسنا نودع عامًا، ونستقبل عامًا جديدًا، وكل يوم يمضي يقرب إلى الأجل. عام كامل (1437) استقبلناه من قبل، وبالأمس نحن نودعه. كم نحن بحاجة ماسة إلى محاسبة أنفسنا ونحن نودع عامًا هجريًّا، ونستقبل عامًا آخر. لا بد من وقفة صادقة مع أنفسنا، نتعرف فيها على أحوالنا وماذا قدمنا خلال العام الهجري الماضي، فإذا كان خيرًا حمدنا الله عليه، وسألناه مزيدًا، وإن كان تفريطًا أو تقصيرًا أو خطايا وذنوبًا سعينا بصدق إلى إزالتها ما دام في العمر بقية ومتسع، وعفا الله عما سلف. العام الهجري الماضي ينصرم ويذهب، وتذهب معه ذكرياتنا الماضية وآلامنا وآمالنا، ولا تعود أبدًا، ويقبل العام الهجري الجديد 1438هـ فاتحًا ذراعيه؛ ليأخذ قطعة من نفوسنا، وجزءًا جديدًا من حياتنا. عام كامل انصرفت أيامه، وتفرقت أوصاله، وقد حوى بين أيامه حكمًا وعبرًا وأحداثًا وعظات.. فكم شقي فيه أناس، وكم سعد فيه آخرون، وكم من طفل قد تيتم، وكم من امرأة قد ترملت، وكم من مريض قد تعافى بقدرة الله - عز وجل - وكم من سليم معافى توارى في التراب في لحظة، وكم من أفراح تنقلب أتراحًا! الأيام تمضي، والعام بأكمله ينصرف، وربك يخلق ما يشاء ويختار. أعوام تنقضي، تزيد العاقل عظة وعبرة، وتنبه الجاهل من سبات الغفلة.. وما أحرى المؤمن العاقل وهو يعي حِكَم الله أن يقف مع نفسه في كل نهاية عام وقفة تأمل وحساب.. إن الحياة الحقيقية هي أن تجعل الدنيا وسيلة للآخرة؛ فإن ما يعمله ويعمره الإنسان في طاعة الله هو الباقي، وغير ذلك يكون هباء منثورًا. وفي الختام.. يعلم الناس جميعًا أن أغلى ما يملكونه هو الوقت والعمر، فكل يوم ينقضي هو من أعمارنا، ويجب الاستفادة منه فيما يرضي الله - عز وجل - وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «خير الناس من طال عمره وحسن عمله». وفي الختام أسأل الله تعالى أن يحفظ وطننا وقادتنا الكرام، وأن يديم علينا لباس الصحة والعافية، ونسأل الله تعالى أن يكتب لنا مزيدًا من التوفيق والسداد.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.