د. خيرية السقاف
لم يكن ثوب القماش الذي يرتديه المرء بألوانه، وخاماته، وحياكته يوماً هو القيمة التي يوزن بها لابسه, إلا عند من يتخذ القشور غاية حُكمه, ومنتهى نظره..
غير أن لا من يختلف مع آخر بأنّ قول الإنسان أي ما ينطق، وفعله يزنان هذه القيمة,
ويحددان, ويقرَّان وزنها!!..
لذا حُكم على عقل الإنسان بقوله, وبفعله..
والمواقف دوماً هي المحك في هذا..
ولذلك يُختار من يتولى مهمة عمل, ويُراد لنتائجها عند، وبعد تنفيذها أن تحقق الهدف منها, وتصل لغاية تمامها, وإتقانها, وإثمارها بحكمة من له عقل راجح, يوجه أفعاله, والمنطق فيه بوعيه, وانتباهه, واختياره لما يقول في موقف ما عما عمل, وأنتج..
هذا المتزيِّي بعقله يُغذَّى بالدربة, ويحرص على الاستزادة, ويدأب على الغوص في تجارب الفكر البشري, والنهل من بحوره المترامية نحواً من الخبرات النظيرة, والرافدة, والتعرف على المواقف الشبيهة والمماثلة, وينافس الابتكارات بالإضافات, والتصنيف بالتوسع, والتخصيص بالبراعة, والعموم بالتحديد, والحقائق بالجلاء عنها, و, و, و,
وإن شخصاً يتحلى بمنطق صحيح, واع, ملم بأبعاد ما يقول, عارفٍ بتفاصيل ما يشرح,
ذكي في اختيار الكلمة التي يرسلها عما يقصد, هو شخص رداؤه العقل لا الثوب,
وأداته المنطق لا المقعد, ونتائج فعله عندئذ في المسار الصواب..
هذا المُتحلي بالوعي, المرتقي بالفهم, المحقق الهدف مما يُسند إليه, ويتولاه من عمل,
هو الفرد المطلوب في كل الحالات, لأي مهمان,
وفي مواقف اللزوم ينبغي أن يُنتخب للخروج من المآزق التي يقع فيها ذلك الذي يلبس خامة ثوب فاخر, لكنه في المَخْبر لا يناظرها منطقاً, ولا مدارك!!..