الدمام - فايز المزروعي:
أكد خبير نفطي أن الوقت حان للتفكير جديًّا في إيجاد بدائل عملية واقتصادية وسلمية لتصدير نفط الخليج العربي، وأن الفرصة أصبحت حاليًا مهيأة لقيام دول الخليج بوضع أول نواة على أرض الواقع لتفعيل الاتحاد الخليجي، وبروز دوره القيادي الإقليمي، وتوطيد السلم العالمي، وذلك من خلال العمل على شق قناة بحرية عبر الأرخبيل العماني، تكون بديلاً أو رديفًا لمضيق هرمز في عبور الناقلات البحرية.
وقال رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي لـ»الجزيرة» أن الوقت الحالي، وخصوصًا في ظل التهديد الإيراني المستمر بإغلاق مضيق هرمز، وضرب المصالح العالمية، يحتم على دول الخليج التفكير جديًّا في بدائل عملية واقتصادية أخرى لتصدير نفطها، تكون بديلة لمضيق هرمز، وليس فقط التركيز على خطوط أنابيب النفط أو إنشاء المزيد منها نظرًا لتكلفتها الإنشائية والتشغيلية، وذلك من خلال شق قناة بحرية عبر الأراضي العمانية.
وجدد الدكتور أبانمي عبر «الجزيرة» ما اقترحه قبل نحو ثمانية أعوام بإنشاء قناة تمر بمحاذاة مضيق هرمز؛ للتقليل من أهمية التهديدات الإيرانية لدول الخليج بإغلاق المضيق، معتبرًا إنشاء القناة يعد من أهم الخطوات الفعلية في نزع فتيل الأزمات الدائرة بين إيران وجاراتها الخليجية والعالم أجمع حول مضيق هرمز، إضافة إلى اعتبارها النواة الأولى على أرض الواقع لتفعيل الاتحاد الخليجي.
وبيّن أبانمي أن الوقت الحالي، وخصوصًا في ظل التهديد الإيراني المستمر بإغلاق مضيق هرمز، وضرب المصالح العالمية، يحتم على دول الخليج التفكير جديًّا في بدائل عملية واقتصادية أخرى لتصدير نفطها، تكون بديلة لمضيق هرمز، وليس فقط التركيز على خطوط أنابيب النفط، أو إنشاء المزيد منها، نظرًا لتكلفتها الإنشائية والتشغيلية، وذلك من خلال شق قناة بحرية عبر الأراضي العمانية، ولتكن تحت اسم «قناة اتحاد دول الخليج العربي البحرية»؛ وبالتالي تفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين في الانتقال الفعلي إلى كيان خليجي موحد ممثلاً في الاتحاد الخليجي، وإثبات أن أول لبنة تأسيسية لقيام هذا الاتحاد الإقليمي الأول من نوعه في المنطقة العربية، وتحت توجيهات القيادة الخليجية الموحدة، تصب في مصلحة العالم واستقراره الاقتصادي، وأن في اتحاده قوة ومتانة للاقتصاد الدولي والسلم العالمي، إضافة إلى إثبات أن هذا الاتحاد قادر على الوفاء بالتزاماته النفطية، التي ألزمت دول الخليج نفسها بها تجاه العالم مهما كانت الظروف، إلى جانب تقليل الأهمية الجغرافية والاستراتيجية لمضيق هرمز، ونزع فتيل هذه الأزمة إلى الأبد، وإسقاط هذه الورقة التي تلوح بها إيران بين الفينة والأخرى.
وأكد أبانمي أنه من الضروري لجميع دول الخليج التفكير جديًّا في طرح البدائل لعملية تصدير النفط، وعدم حصرها في مجال النقل عن طريق خطوط «الأنابيب» التي تعتبر محدودة الطاقة الاستيعابية، ومرتفعة التكلفة الإنشائية، وكذلك التشغيل والصيانة، مقارنة بشق قناة بحرية موازية لمضيق هرمز عبر الأرخبيل العماني في محافظة مسندم العمانية، التي تقع أقصى الشمال العماني، وهي على شكل شبه جزيرة، تكثر فيها الأزقة البحرية والمداخل الملتوية، وذلك من خلال إحداث ثغرة في عقبة لا يتجاوز عرضها نصف كيلومتر، ومن ثم إزالتها؛ لتتصل تلك المداخل المائية الملتوية ببعضها؛ لتكون ممرًّا مائيًّا ومنفذًا بحريًّا من جانب الخليج العربي إلى الجانب الآخر، أي خليج عمان، إضافة إلى عملية التوسيع؛ إذ ربما تعيق تلك الممرات المائية والخور الطبيعية الملتوية عملية المرور، ولكن سيتم تأهيلها لتكون مهيأة لعبور ناقلات النفط العملاقة وغيرها من الخليج العربي إلى خليج عمان، دون المرور بمضيق هرمز، وتكون مؤهلة لتمر من خلالها البواخر وناقلات النفط، تمامًا مثل مرورها بمضيق هرمز.
وأشار أبانمي إلى أن التكلفة الفعلية لشق قناة بهذا العرض لن تكون كبيرة نظرًا لوجود ممرات مائية طبيعية غير نافذة بسبب بعض العوائق المرتفعة البسيطة والمتصلة باليابسة، كما أن التكلفة المالية لإزالة العوائق وتوسيع الممرات المائية وتوصيل بعضها ببعض منخفضة جدًّا، مقارنة بإنشاء وتشغيل خط أنابيب لنقل كمية محدودة؛ إذ كلف مشروع خط الأنابيب الممتد من أبوظبي إلى ميناء الفجيرة على سبيل المثال نحو 2.7 مليار دولار، وهو الأحدث في دول الخليج العربي، ويستوعب نقل ما بين مليون ومليون ونصف المليون برميل يوميًّا عبر خط بطول (360 ك.م). أما بالنسبة لمثل هذه القناة فلن تكون تكلفتها بهذا الحجم، وإنما أقل من ذلك بكثير، وحتى لو تجاوزت تكلفتها هذا المبلغ فهي لا تحتاج إلى ما يحتاج إليه خط الأنابيب من تكاليف تشغيل وصيانة مستمرة، ومراقبة دقيقة على مدار الساعة، إلى جانب الاستنفار المستمر عند التسربات أو الأعطال.
ولفت إلى أن هذه القناة ستكون خيراتها عامة، ولن تكون معبرًا، أو أداة نقل للبترول والغاز فقط كما هي الحال في الأنابيب، بل في مرور البواخر والناقلات بشكل عام، وسيكون لها أيضًا مردود اقتصادي على سلطنة عمان من خلال رسوم العبور، وإنشاء مناطق للصيانة والوقود وما شابه ذلك.
وقال أبانمي إن مثل هذه القناة من خلال الممرات المائية الطبيعية في محافظة مسندم العمانية التي تطل على مضيق هرمز ستكون ممرًّا آمنًا لناقلات النفط؛ وبالتالي تلبية الاحتياج العالمي من النفط، سواء كان هذا الاحتياج في ظروف عادية أو طارئة، والاستغناء تمامًا عن استخدام الناقلات لمضيق هرمز في حال تأزم الوضع العسكري فيه أو تم إغلاقه. كما أن هذه القناة ستختصر المسافة التي تقطعها الناقلات التي تستخدم مضيق هرمز؛ وبالتالي توفير كمية إضافية من الوقت، وتقليل استهلاك هذه الناقلات للوقود المستخدم. كما أن رسوم التأمين الباهظة على نقل النفط عبر مضيق هرمز ستنخفض؛ ما يعني توفيرًا إضافيًّا على نقل البترول من هذا الممر الرديف.
وأضاف: النقطة المهمة في شق القناة تتمثل في أنها ستكون مملوكة بالكامل لدولة خليجية، هي سلطنة عمان، وستكون ضمن المياه الداخلية لها، أي أن سيادة عمان كاملة مطلقة على هذه القناة. لافتًا إلى أن استفادة عمان منها ستكون كبيرة جدًّا إذا ما نظرنا إلى الجدوى الاقتصادية التي ستنتج من قناة مائية، ستوفر الأمن؛ وبالتالي انخفاض رسوم التأمين على الناقلات، والوقت؛ وبالتالي تكلفة وسرعة النقل بالنسبة للناقلات، حتى في حالة السلم وعدم وجود أي تصعيدات عسكرية في مضيق هرمز.
وأكد أبانمي أن العمل فعليًّا في شق تلك القناة من خلال سلطنة عمان سيدعو دول الخليج العربي للتفكير أيضًا في شق قنوات أخرى في دول أخرى، تكون مشابهة لتلك القناة، عقب ثبوت الجدوى الاقتصادية والسياسية المؤكدة لمثل هذه القناة على أرض الواقع، ومن ثم تثبت دول الخليج للعالم أجمع ما تستطيع فعله من خلال اتحادها، وأنها داعم حقيقي لخدمة المصالح العالمية والسلم العالمي، والوفاء بالتزاماتها تجاه العالم أجمع قدر المستطاع؛ وبالتالي سيحث ذلك دول العالم على العمل على تقوية هذا الاتحاد الخليجي الوليد.