د. عبد الله المعيلي
يزعم كثير من المبهورين المتحمسين للممارسات الديموقراطية التي تمارس في الدول الغربية وبعض دول الشرق، التي فشلت فشلاً ذريعًا في الدول العربية بصفة خاصة، بل إنها مورست في الدول العربية كلها بطرق شكلية هزلية مضحكة، وعلى الرغم من النجاحات الظاهرية التي تبدو عليها الممارسات الديموقراطية في الدول الغربية، إلا أنها تبقى في جوهرها لا تعكس إجماعًا مجتمعيًا على من يختار للمرتبة الأولى في ممارسة الحكم، حيث تظل فئة من المجتمع غير مؤيدة لمن اختير، لكن حسب القوانين السائدة من يحقق أصواتًا أكثر ولو بفارق قليل جدًا، فهو الأحق بتولي الحكم، وهنا انتفت العدالة حيث إن فئة من المجتمع لا ترى أن الفائز بالحكم يحقق ما تتطلع إليه، وبالتالي لا يشعرون تجاهه بالولاء ولا الانتماء.
هذه إحدى المآخذ التي تفقد الديموقراطية قيمتها وعدالتها، لكن من المآخذ الأهم، أن لدى الفائز بالحكم أجندة خاصة بحزبه الذي رشحه، وهذه الأجندة لا تمثل إجماع الأغلبية من أفراد المجتمع الذين سيتولى حكم بلادهم مدة أربع سنوات، مما يعني أن تطلعات فئة من المجتمع وحاجاتهم سوف تبقى معلقة مؤجلة حتى يتولى الحكم من يتوافق معهم ويسعى في تحقيق ما يتطلعون إليه، من آمال وتطوير للأوضاع التي تلبي حاجاتهم.
هذا أمر بدهي، وهي من سنن الله البشرية التي قضت أن يختلف الناس، ويستحيل أن يكونوا جميعًا على قلب رجل واحد، وفي مستوى واحد من الآمال والرغبات، ولله في ذلك حكمة، ومن ظاهر فوائدها أن الناس لو أجمعوا على أمر سوء لفسدت الحياة الاجتماعية، ففي التدافع بين الناس إعمار للكون ونماء وازدهار للحياة الاجتماعية قال تعالى: {فَهَزَمُوهُم بإذن اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأرض وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} البقرة الآية 251.
أن يختلف الناس في أمر ما فذاك متوقع ولا مشاحة فيه، خاصة إذا كان الاختلاف في أمور دنيوية هامشية ثانوية بشرط ألا يضار المجتمع بها، بل إن الاختلاف في هذه الأمور يعد محمدة يزيد الحياة المجتمعية والثقافية والفكرية ثراءً وتعددًا في الخيارات.
أما الأمور الرئيسة ذات الصلة بأمن الناس واستقرارهم وسلامة حياتهم ومعتقدهم، فإنه لا مجال للاختلاف فيها، بل إن الاختلاف فيها يشطر المجتمع ويفضي إلى مناخات البغضاء والتناحر، عندئذ تضطرب الحياة وتعم الفوضى وتتعطل مصالح الناس وسبل معاشهم ومستقبلهم.
في ضوء ما سبق لا ميزة في النظام الديموقراطي الذي يدندن حوله كثير من المعجبين بآلياته ومفاهيمه النظرية، وبالتالي فإن أي نظام يرضاه الناس ويتقبله لا يعيب المجتمع ويسمه - كما يدعي دعاة الديموقراطية - بسمات التخلف والرجعية التي يسوق بها دعاة التقدمية مواقفهم التي ثبت من كل من حمل شعارها بأنه هو المتخلف، وأنه يخدم مصالحه الضيقة على حساب مصالح المجتمع عامة، فما الذي حققته التقدمية في العراق وسوريا سوى التخلف والدمار؟
أستطيع بكل فخر واعتزاز أن استشهد بمملكتنا الغالية حرسها وأدام عزها، فيا ما جلدها مدعو التقدمية بالرجعية، فقد ثبت أنها متقدمة على كل الدول التي ترفع شعار التقدمية في كل مجالات الحياة من دون استثناء، والسبب في ذلك بعد توفيق الله وعونه، أن هناك ألفة بين أفراد المجتمع، كلهم ينتمي لكل شبر في أرضها الطاهرة، ولاؤهم واحد لولاة أمر البلاد وقادتها من آل سعود، جمعهم الحب ووحدة الانتماء والولاء، الغاية واحدة والاتجاه واحد، فحمدا لله وشكرًا على الأمن والاستقرار والنماء والتقدم، وإلى المزيد من الازدهار والوحدة والتآلف.